[esi views ttl="1"]
arpo37

وثائق سرية تظهر قلق بن لادن على صورة تنظيم القاعدة

ظهرت وثائق تمت مصادرتها من المنزل الذي قتل فيه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان أنه كان قلقاً في أيامه الأخيرة على "إرثه"، وتحديداً الصورة التي يظهر فيها تنظيم القاعدة. وسعى إلى الحدّ من الهجمات الانتحارية في الدول الإسلامية واستهداف المدنيين فيها، حتى لا تتضرر شعبية التنظيم.

في هذا السياق، اشارت صحيفة ال "واشنطن بوست"، نقلاً عن مسؤولين اطلعوا على الوثائق، إلى أن بن لادن عارض بشدة فكرة تم تداولها على المواقع الجهادية، بشأن أسلوب جديد في تنفيذ العمليات، ويدعى "جزازة البشر"، وهو تعبير مقتبس من "جزازة العشب"، وتعمل من خلال ربط شفرات حادة بشاحنة صغيرة وإقحامها وسط الشوارع المكتظة.

وعلى الرغم من أن العديد من الجهاديين عبروا عن حماسهم للفكرة، إلا أن مسؤولا استخباراتي سابق، أشار إلى أن بن لادن "استاء" من الفكرة، واعتبر أنها "تتناقض مع رؤيته لما يجب أن تكون عليه القاعدة".

وأظهرت الوثائق أن بن لادن كان متردداً تجاه مساعده أيمن الظواهري، ويميل أكثر إلى عطية عبد الرحمن وهو أحد الجهاديين الذين برزوا في الجزائر في التسعينات، والذي بدعم من بن لادن بدأ في وضع قواعد سلوك للقاعدة والجماعات المرتبطة بها محذراً من أن قتل المسلمين الأبرياء سيؤذي المنظمة وينتهك الشريعة، غير أن قتل الأميركيين حتى من غير المقاتلين سيبقى مسموحاً به، بل وأنه ملزم أيضاً.

وقال جاريت براخمان، كاتب ومستشار حول تنظيم القاعدة لصالح وكالات الحكومة الأميركية إن "عطية استمر بمحاولة كبح الهجمات داخل الشرق الأوسط"، مشيراً إلى أن الأخير وبن لان استمرا في بغضهما للغرب "لكن شعرا أن الهجمات في داخل الدول الإسلامية كانت سيئة للصورة العامة".واشارت ال "واشنطن بوست" إلى أنه من بين الوثائق التي ضبطت في المداهمة، الآلاف من المذكرات الإلكترونية والخطابات التي تضمنت محادثات بين بن لادن ومساعديه في مختلف أنحاء العالم.

ويقول مسؤولون اميركيون، إن بن لادن كان لديه حساً أمنياً عالياً، ولذلك لم يكن لديه اتصال بالإنترنت، وكان يكتب الوثائق باليد، ويرسلها من خلال مساعديه، الأمر الذي كان يتطلب فترة تصل إلى شهر لإرسال الوثيقة.وعلى الرغم من عزلة بن لادن الجسدية، إلا أن الوثائق تبين أنه كان مديراً للتدريب العملي، ولاعباً اساسياً في التخطيط للمجموعة الارهابية التشغيلية والتفكير الاستراتيجي، كما أنه من يعطي الأوامر والمشورة للعملاء المنتشرين في جميع أنحاء العالم.

وقال بروس رايديل، مسؤول سابق في مجال مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات الأميركية "على الرغم من العزلة التي كان يعيشها بن لادن، لكنه كان يتصرف كمدير تنفيذي لمنظمة إرهابية دولية".وأشارت الصحيفة إلى أن الوثائق تظهر بن لادن على أنه مهووس بنقاوة عقيدته فيما كان يسعى لإدارة عناصر الشبكة المشتتين والذين تراجعت معنوياتهم، لا سيما بعد خسارته عدد من مساعديه في الغارات الأميركية.

قضية مشتركة

كان عطية عبد الرحمن من بين الشخصيات الأساسية التي تقدم المشورة إلى بن لادن، وكان بمثابة نجم صاعد في الصف لتنظيم القاعدة الذي ساعد في التخطيط لهجوم المجموعة الانتحارية على قاعدة وكالة المخابرات المركزية في خوست بأفغانستان في كانون أول (ديسمبر) من العام 2009.
وشارك عطية أيضاً في صنع شريط الفيديو السري المزيف، الذي قدمه جاسوس أردني مفترض، بهدف كسب ثقة العاملين في الاستخبارات الأميركية، وكانت خطوة رئيسية أدت إلى جذب الوكالة في فخ مميت.

وكان عطية يواسي بن لادن حول مشاكل الحركة المتزايدة، وينغمس في بعض الأحيان في مجال التخطيط لضربة كبرى ضد الولايات المتحدة التي من شأنها إعادة الزخم ورفع المعنويات المنخفضة للتنظيم.
ووجد الإثنان قضية مشتركة في مسعاهم لوقف العمليات التي تنفذها المجموعات التابعة للتنظيم، التي تؤدي إلى ضحايا من المدنيين. في آذار (مارس) 2011، أي قبل شهرين من وفاة بن لادن، حذر عطية الجهاديين من قصف الأسواق والمساجد والملاعب وغيرها من المواقع حيث من المرجح أن تؤدي الهجمات إلى مقتل المسلمين الأبرياء.

"الإشراف على هذه العمليات يجب أن لا يفوض إلى القادة الميدانيين، وإنما إلى لجان مخصصة من خبراء موثوق بهم من طلبة العلم الديني والعسكريين"، قال عطية، الذي قتل بعد أشهر قليلة من بن لادن، في غارة أميركية بدون طيار في باكستان في آب الماضي.

في الخطابات التي ارسلها بن لادن، عرض التفسير القانوني حول ما إذا كان العمل الإرهابي مسموح بموجب الشريعة. وبرز هذا الأمر بوضوح عندما حاول الباكستاني الأميركي فيصل شاهزاد تفجير سيارة ملغومة في ساحة "تايمز سكوير" في نيويورك في أيار/مايو 2010. على الرغم من تهليل الجهاديين حول العالم بهذه الخطوة، إلا أن شاهزاد لقي توبيخا مستغرباً من بن لادن، الذي قطع عزلته التي فرضها على نفسه، وظهر للتنديد بفعلة شاهزاد.

اعتراض بن لادن لم يكن على خلفية احتمال سقوط عدد من القتلى المدنيين، بل لأن شاهزاد خطط للعملية بعد أن أدى قسم اليمين وأعلن الولاء للولايات المتحدة بصفته مواطناً أميركياً تجنس حديثاً".
ووفقاً لرسالة حصل مسؤولون أميركيون على نسخة منها، كتب بن لادن لشاهزاد رسالة يقول فيها: "أنت تعرف أنه لا يجوز أن تكذب بهذه الطريقة على العدو"، ويشكو من "الآثار السلبية" لصورة لتنظيم القاعدة، لأن الجهاديين أصبحوا عرضة للاشتباه في أنحاء العالم بسبب "غدرهم وتراجعهم عن القسم".

زر الذهاب إلى الأعلى