[esi views ttl="1"]
arpo27

علي سيف حسن: مؤتمر لندن لمعاقبة اليمن لا مساعدته وأميركا تمول الحرب لا التنمية

القاعدة حقيقة موجودة وقد دشنت مرحلة نشاطها العالمي من اليمن بهذه العملية التي نفذها الشاب النيجيري، وليس بإمكان السلطة أو المعارضة إلا أن تتعايش في ظل اعتبار اليمن ساحة للمواجهة بين القاعدة وأمريكا،

وإلا سوف ندفع جميعنا ثمن الحرب وهو ثمن باهظ جداً جداً سواء فيما بيننا أو مع الآخر.

وشباب القاعدة نجحوا في استدراج أمريكا إلى اليمن ،لأنهم متيقنين أن الساحة اليمنية هي ساحتهم وأنهم سينتصرون على أمريكا في اليمن، والتدخل الخارجي لم يكن بقرار أمريكي ولا بقرار يمني، وإنما بقرار من القاعدة، وحيث تكون القاعدة يكون التدخل الخارجي .

واليمن ليست قادرة على منع تواجد القاعدة في اليمن بالأمس، ولن تكون قادرة على منع التدخل الخارجي في اليمن اليوم، ولكن بإمكانها ترشيد هذا التدخل، وكل ما كان المجتمع اليمني متماسك كلما سهل عملية ترشيد التدخل الخارجي،فالقاعدة والخارج يعيشون في مكان مشترك، وحيثما وجدت تشققات سياسية واجتماعية وقبلية وجدت القاعدة والخارج.

والإدارة الأمريكية تخطط لسنوات طويلة ولكنها عندما تنفذ فإنها تنفذ لفترة محدودة جدا،وهي الآن في بداية مرحلة التنفيذ.

وأمريكا لا تأتي بالمساعدات بل تأتي بالخراب والدمار ،وهي الآن تبحث عن إنجاز سياسي وإعلامي في حربها ضد الإرهاب قبل انتخابات الكونجرس القادمة في نهاية هذا العام.

والحوثيون والحراك بعيدون عن كرنفالات الحوار لكنهم موجودين في كواليس الحوار الحقيقي غير المعلن وبينهم تواصل عبر قنوات خاصة.

هذا ما أكده في حوار مع صحيفة "العاصمة" المحلية الأستاذ علي سيف حسن - رئيس منتدى التنمية السياسية – في هذا الحوار:

النص:

- بداية كيف تنظر إلى ما تحدث من تهيئات للتدخل الخارجي في اليمن؟
*التدخل الخارجي في هذه المرحلة من تاريخ الشعوب أصبح حقيقة من حقائق السياسات في كل دول العالم، لم يعد استثناء وخاصة تلك الشعوب والمجتمعات التي يوجد فيها تشققات سياسية واجتماعية حادة ففي هذه الحالة لا بد من تدخل خارجي.

- ما حدود هذا التدخل برأيك؟
* قد يكون تدخل خارجي إقليمي،وقد يكون تدخل خارجي دولي، فنحن شهدنا قبل فترة تدخل خارجي إقليمي حاد جدا ويتمثل في التدخل السعودي بشكل أوسع وتدخل إيراني بشكل مغلف إلى حد ما،الآن هناك تدخل أمريكي وبريطاني وهو تدخل لن يقل حدة وخطورة عن التدخل الإقليمي.

- كيف؟
*عندما تستخدم أراضي أي دولة للاعتداء على دولة أخرى هذا يمثل مسؤولية كبيرة جدا على الدولة التي انطلقت منها هذا الاعتداء، ويمثل أيضاً تهديداً لسيادة الدولة المعتدى عليها ، فعندما اعتدى الحوثيون على الحدود السعودية كان الرد قاسي جدا جدا، والآن نحن نشهد ملامح أو معالم ردة الفعل الأمريكي على محاولة اتخاذ قرار بالاعتداء على أمريكا من أرض يمنية.

- لكن ردة الفعل هذه لن تستهدف القاعدة فحسب،بل الجميع؟
*صحيح أن اليمن كدولة وكمجتمع ليس لهم ذنب أو دور في اتخاذ هذا القرار ولكن يمكن اعتباره بنفس الأساس الذي لم يكن للدولة أو المجتمع أي دور في قرار الحوثيين بالاعتداء على المملكة العربية السعودية.

- نفهم من كلامك أن الخارج مصمم على التدخل الخارجي في اليمن؟
*لا أقول مصمم، ولا أقول تدخل خارجي، وإنما هناك مؤشرات على ذلك من خلال التحضيرات والتهديدات التي نشهدها اليوم كونها تعتبر الساحة اليمنية هي آخر ساحة في مواجهة أمريكا مع القاعدة.

- ولماذا الآن؟
* لأن أمريكا الآن حسمت المواجهة إلى حد كبير في العراق، وهي تلعب دور مواجهة حاسمة وحادة جدا في كل من أفغانستان وباكستان والصومال ولم يتبقى معها إلا اليمن، وبالتالي كان هناك خطط جاهزة للتدخل في اليمن، وأتت حادثة محاولة تفجير الطائرة الأمريكية من قبل شاب نيجيري باعتبارها القشة التي قصمت ظهر البعير كمبرر لإعلان خطط جاهزة.

- لكن البعض يشكك في هذه الحادثة؟
* ما زلنا حتى الآن نشكك في هذه الحادثة، ولكن ليس المهم ما يفهمه أنا أو أنت وإنما المهم ما يفهمه الكونجرس الأمريكي والإدارة الأمريكية لأن فهمهم يترتب عليه قرار.

- يعني قد تم اتخاذ قرار التدخل الخارجي من قبل أمريكا؟
* اليوم التدخل الخارجي لم يكن بقرار أمريكي ولا بقرار يمني، وإنما بقرار من القاعدة، شباب القاعدة لديهم ثقافة عالية جدا ويعرفون أصول العلاقات الدولية، وبالتالي إستراتيجيتهم هي استقطاب الأمريكان إلى أقرب نقطة لهم ليواجهوها، فقرار إرسال الشاب النيجيري للتفجير في أمريكا بمثابة دعوة أو استحضار لأمريكا لمواجهتها حيث يعتقدون أنهم أكثر تمكنا في مواجهة أمريكا في الساحة اليمنية، فقرار التدخل الخارجي إذن هو من القاعدة وحيث تكون القاعدة يكون التدخل الخارجي .

- لكن القاعدة موجودة منذ فترة في اليمن؟
* فرق بين القاعدة تمارس عملها بطريقة محدودة في اليمن وبين أن تتخذ قرارها من اليمن للاعتداء على أمريكا في أراضيها .

- وماذا يعني هذا من وجهة نظرك؟
* هذا يعني أن قادة القاعدة في اليمن يمتلكون صلاحيات اتخاذ قرارات دولية على مستوى الشبكة الدولية في القاعدة وهنا الخطورة.

- ما مصلحة القاعدة من استدراج الخارج؟
* شباب القاعدة نجحوا في استدراج أمريكا إلى اليمن ،لأنهم متيقنين أن الساحة اليمنية هي ساحتهم وأنهم سينتصرون على أمريكا في اليمن.

- على أي أساس بنوا هذه النتيجة؟
*دعني أذكرك بمقولة سمعتها من الشيخ بن لادن قبل فترة حيث قال : "إن الفرق بيننا وبين بعض مشائخ الدين حول التمكن هو أننا نؤمن بأن التمكن مسألة نسبية ونحن في الميدان أعلم منهم وأدرى بأننا متمكنين" فبالتالي قضية التمكن قضية نسبية يعتقدها الشخص ذاته بأنه لو قتل عدد من الناس وقتل معهم فهو إنجاز، فهذه عائدة لقناعاتهم هم ، وهم ليسو جهلة بل أنهم من أذكى الشباب تعلماً، لا أحد يستطيع يغالطهم بكلمتين أو يقنعهم بحديث أو آية، هؤلاء شباب لهم عقيدة راسخة مقتنعين بها ويضحون في سبيلها بكل ما يملكون.

- ألا ترى أن القاعدة تعتبر مصدر دعم مادي للسلطة من الخارج؟
* اليمن لن تحصل على مساعدات كما يتوقع الآخرين ، ولو أن كل من هدد أمريكا واعتدى عليها يحصل على مساعدات اقتصادية وتنموية لتسابق الناس في خلق القاعدة في كل مكان حتى تحل لهم أمريكا مشاكلهم ، لكن أمريكا لا تأتي بالمساعدات بل تأتي بالخراب والدمار، فهذه حرب عقابية وليست مساعدة.

- وماذا تتوقع من مؤتمر لندن الذي تعوّل السلطة عليه كثيراً؟
* مؤتمر لندن هو مؤتمر محاسبة وليس مؤتمر مساعدة، لو أن أمريكا فتحت خزائنها لكل من هددها فلن يتوقف أحد في تهديدها، فعلينا أن نفهم بأن هذا الاعتقاد مجرد وهم.

- لكن اليمن شريكة في مكافحة الإرهاب التي تتطلب دعماً سخياً؟
* الشراكة بين أمريكا واليمن تنحصر في مكافحة الإرهاب وليس شراكة في التنمية، فهم يمولون للحرب ومكافحة الإرهاب الذي يهددهم وليس للتنمية التي هي مشكلتنا وقضيتنا نحن اليمن.

- البعض ينظر إلى مؤتمر لندن بأنه شبيه بمؤتمر ألمانيا بشان أفغانستان قبيل غزوها، ما رأيك في ذلك ؟
* مؤتمر لندن هو معلن وواضح وهو محاسبة الحكومة اليمنية على التقصير في عدم تنفيذ التزامات المؤتمر السابق الذي لم يؤدي دوره في الحد من الإرهاب وتغطية الفجوات الاجتماعية، وبالتالي سيكون مؤتمر لندن مؤتمر أمني لمكافحة الإرهاب فقط لا أكثر.

- برأيك كيف سيكون شكل التدخل الخارجي في اليمن في حال حدوثه؟
*لا أعرف ما هي صفة التدخل الذي سيكون، لكنه بالتأكيد سيكون تدخل حاسم وقاسي، والإدارة الأمريكية تخطط لسنوات طويلة ولكنها عندما تنفذ فإنها تنفذ لفترة محدودة جدا،وهي الآن في بداية مرحلة التنفيذ.

- ما الذي تخطط له الآن من خلال هذا التدخل برأيك؟
* هي الآن تبحث عن إنجاز في حربها ضد الإرهاب ولا بد أن يكون انجازاً واضحاً ومبهراً سياسياً وإعلامياً قبل انتخابات الكونجرس القادمة في نهاية هذا العام، يعني لا بد أن يحققوا إنجازاً يتفاخروا به في أوساط النخبة الأمريكية والناخبين الأمريكيين والإعلام الأمريكي ضد الإرهاب في اليمن قبل نوفمبر القادم .

- هل اليمن قادرة على منع هذا الإنجاز أي التدخل الخارجي؟
* اليمن ليست قادرة على منع تواجد القاعدة في اليمن بالأمس، ولن تكون قادرة على منع التدخل الخارجي في اليمن اليوم.

- وما هو الحل إذاً؟
* الحل هو كيفية ترشيد التدخل الخارجي وليس منعه لأنها لا تستطيع ذلك .

- كيف يتم ترشيد التدخل؟
* أن يثبت اليمنيون أنهم قادرون على التحكم بمدى خطورة القاعدة وتخفيفها، وهذه عملية تعتمد على مهارة في التعامل مع هذه الخطورة، وكل ما كان المجتمع اليمني متماسك كلما سهل عملية ترشيد التدخل الخارجي،فالقاعدة والخارج يعيشون في مكان مشترك، وحيثما وجدت تشققات سياسية واجتماعية وقبلية وجدت القاعدة والخارج.

- لكن اليمن تؤكد أنها قادرة على اجتثاث القاعدة؟
* ليس اجتثاث القاعدة وإنما اجتثاث خطر القاعدة، سواء بالحرب أو بالوعي.

- تقصد بالحوار معهم؟
* هؤلاء لا يجدي الحوار معهم.

- لماذا؟
* لأن لديهم معرفة وثقة بأنفسهم حدّ الغرور ، وبالتالي لا يمكن أن يتقبلوا الحوار، ولكن يمكن أن تكون نصيحة من أناس لهم احترامهم ومكانتهم.

- أين ومتى تكون النصيحة؟
* أعتقد هناك فرق بين الجيل السابق من القاعدة وبين الجيل الحالي ،وهو أن جيل القاعدة الحالي معظمهم شباب ينتمون إلى أسر اجتماعية معروفة في المجتمع وبالتالي ليسوا شباب يائسين أو منبوذين، وأعتقد في هذه الحالة بالإمكان التفاهم معهم.

- كيف تستطيع شخصيات قبلية إقناعهم في الوقت الذي عجزوا فيه علماء؟
* لا أنا لا أقصد التفاهم معهم بهدف تغيير قناعاتهم وإنما لتجنيب اليمن كساحة للمواجهة بين أمريكا والقاعدة، وفق قاعدة"حوالينا لا علينا" فيجب أن تقتنع القبائل بضرورة إبعاد الخطر عن أنفسهم ومناطقهم أنهم سيدفعون ثمناً باهظاً ، لأن المجتمع اليمني شكلاً هو مجتمع أصولي الفكر مجتمع محافظ ومتدين، ولا تستطيع أن تميز في أين ينتهي هؤلاء وأين تبدأ القاعدة، فهناك امتداد طبيعي، وأعضاء القاعدة ليس لهم علامات خاصة فهم مدموجين في المجتمع وبالتالي الخطورة على الجميع قبائل وأحزاب سلطة ومعارضة ومستقلين.

- وهل تدرك السلطة مثل هذه المخاطر؟
* على الجميع أن يدرك هذه المخاطر ، وبإمكاننا أن نتجاوز هذا الخطر إذا تعاملنا معه بشكل واع، لأن هؤلاء هم جزء من أفضل شباب اليمن، وأنهم بحاجة إلى أن يعلموا أن وجودهم في اليمن لم يكن موفقاً، وان اختيارهم لليمن كساحة مواجهة مع أمريكا هو اختيار خاطئ، يعلموا هذا من كل القوى السياسية والاجتماعية، وبالتالي يتم تحييد وجودهم بحيث لا يؤذون أحد.

- لكنهم معتقدين بأن اليمن مكانهم الطبيعي والأصلي؟
* أتمنى أن لا يُكسروا، لا أريد أن أرى شباب من خيرة أهل اليمن يقتلوا ويسحقوا في هذه المعركة لقناعتهم الفكرية التي لا أراها صائبة، وإنما هي خاطئة لكني احترمها كقناعة بالنسبة لهم، فالشخص عندما يقدم حياته من أجل هذه القناعة فليس أمامك إلا أن تحترم هذه القناعة، لكني أتمنى أن يستمعوا إلى صوت العقل من الآخرين، وإذا أشعرتهم كل القوى السياسية والاجتماعية بأن اختيارهم لليمن كساحة مواجهة هو اختيار خاطئ وأنه لن يسمح لهم بذلك ، عندها يمكن أن ننجح في تغيير مشهد اليمن من كونه مصدر للخطر والتعامل معه وفق مبدأ درء المفسدة إلى كونه مصدر للخير وللمصلحة.

- هذا كان يمكن أن يلقى استجابة لدى القاعدة قبل إعلان الحرب عليهم وليس الآن ؟
* وحتى الآن ما زال بالإمكان ، والحوار الواعي مطلوب في كل مرحلة حتى أثناء الحرب، ربما هم كانوا بحاجة إلى أن يعلموا أن المواجهة الآن مختلفة وأنها أكثر شراسة وأكثر قوة ، وربما أنهم الآن يشعرون أن كلفة تواجدهم في اليمن ستكون باهظة جدا جدا، ليس عليهم فقط كأشخاص وإنما على أهاليهم وعلى اليمنيين جميعاً.

- وهل هذا يكفي لإقناع الخارج الذي يطالب بتسليم هؤلاء؟
* نحن لا نطالب شباب القاعدة بتسليم أنفسهم، وإنما فقط مثلما سبق وان اتخذوا قرار باختيار اليمن ساحة مواجهة عليهم أن يتخلوا عن هذا الخيار ويتعاملوا مع اليمن كما تعاملوا مع غيرها من البلدان مثل قطر وعمان والإمارات وغيرها التي اتخذوها مناطق هجرة(بالمعنى اليمني) فليضموا اليمن إليها كمنطقة هجرة، فشباب القاعدة هم من يختارون مكان المواجهة .

- وإذا لم يقتنع شباب القاعدة بهذا التخلي؟
* سوف ندفع جميعنا ثمن الحرب وهو ثمن باهظ جداً جداً سواء فيما بيننا أو مع الآخر.
فهذه مسؤولية كل اليمنيين لأن الخطر قادم على الجميع ومن الجميع.

- هل اليمن جادة في هذه المواجهة مع القاعدة؟
* ليس أمامنا مخرج آخر، وليس بإمكان السلطة أو المعارضة إلا أن تتعايش في ظل اعتبار اليمن ساحة للمواجهة بين القاعدة وأمريكا ، وإذا سارت هذه المواجهة في الاتجاه الخطأ كما حدث في العراق وأصبح قتل أكبر عدد من المواطنين في الشارع هو إنجاز فهي كارثة.

- ومع ذلك أمريكا غير مقتنعة بجدية وقدرة اليمن على المواجهة؟
* هناك حسابات ومعطيات وحوارات ومفاوضات، وسيبدؤون بالتدرج، واعتقد أنه إذا أثبتنا من الآن أننا جادين وقدمنا تصوراً جاداً إلى مؤتمر لندن لمواجهة القاعدة ولا أقول حرب وإنما مواجهة بكل أبعاد المواجهة الثقافية والفكرية والعلمية وغيرها خلال الستة الأشهر القادمة، لأن الإدارة الأمريكية تريد منا أن نقدم تصورا خلال هذه الستة الأشهر لأنهم يريدون أن يقدموا هذا الانجاز للشعب الأمريكي بعد ستة أشهر أي قبل انتخابات الكونجرس، فإذا استطعنا أن ننجز هذا بأقل كلفة من الحرب وإراقة الدماء سيكون أفضل.

- وكيف تنظر إلى اتهام السلطة بعلاقتها الوطيدة مع القاعدة؟
* هناك تصورات كثيرة موجودة، ولكن أقول في الأخير هناك حرب، وهناك دماء تسفك بين كل الأطراف سواء السلطة أو القاعدة أو الضحايا المدنيين.
وإذا عدنا إلى محاسبة القاعدة بشكل موضوعي سنجد أن القاعدة أعلنت الحرب على اليمن قبل ما تعلنها على أي دولة أخرى منذ الهجوم على الأمريكان في الفندق بعدن ثم تفجير المدمرة كول وغيرها.

- البعض يرى أن عمليات القاعدة خارج الأراضي اليمنية أخف ضرراً من العمليات الداخلية التي تستهدف أيضاً الخارج ؟
* القاعدة لم تضرب أمريكا لتحارب أمريكا وإنما ضربت أمريكا لتستدرجها إلى المنطقة، ولو قرأت أدبياتهم فهم يسعون إلى استدراج خصومهم إلى المنطقة التي يكون فيها تواجدهم هو الأقوى ، حتى يمرغوا أمريكا في الوحل كما يقولون، فهذه قناعاتهم ، لكنهم قبل أن يمرغوا أمريكا فإنهم يمرغوا الشعب الذي يتواجدوا فيه أضعاف مضاعفة فقد تم تدمير الشعب العراقي والشعب الأفغاني وهكذا.

- هناك من يرى في القصف العشوائي للمدنيين والأطفال والنساء بأنه يعزز من تعاطف الناس مع القاعدة؟
* هكذا هي طبيعة الحروب ، الخارج لا يأتي لحمل مشعل حقوق الإنسان ، وإنما جاء لينتقم من كل الموجودين، والقاعدة يعجبها ذلك، لأنه يشكل لهم مصدر رفع جديد ، فالعقل في الحروب لا يشتغل لوحده فهناك الغضب والانفعالات وقد تتوقع كل شيء عندما تبدأ الحرب لأنها حرب بكل ما تحمله من قبح.

- كيف تفسر التخبط الرسمي حيال القاعدة سواء المبالغ فيه أو المستهين بها؟
* هذا التخبط موجود لدى السلطة والمعارضة، وما زلنا عاجزين عن إدراك ردود أفعال الدول الكبرى عندما يُعتدى عليها .
وأنا أرى اليوم أن القاعدة حقيقة موجودة وهي دشنت مرحلة نشاطها العالمي من اليمن بهذه العملية التي نفذها الشاب النيجيري، والمطلوب الآن أن نبحث عن المخارج حان وقت البحث عن المخارج.

- وما هي هذه المخارج؟
* المخرج يبدأ في وعي مجتمعي لدى النخبة والحل والعقد في أن مواجهة شباب القاعدة مع أمريكا على أرض اليمن هو خطر علينا كلنا ، وعلى كافة القوى السياسية والاجتماعية أن تقول لشباب القاعدة بأن اختيارهم هذا غير صائب وغير موفق.

- وهل هناك أمل في إحداث إصطفاف وطني لمواجهة مثل هذه القضايا في ظل مكابرة السلطة وانعدام ثقة الآخرين بها؟
* هذا يعتمد على مدى قدرة الأخ رئيس الجمهورية في استخدام تلك الطاقة الاحتياطية لديه التي لا يستخدمها إلا في الحالات القصوى وهي آخر ما شهدناها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتتمثل في الحشد السياسي والإعلامي والمادي والاجتماعي، فإذا استخدم كل هذه الأدوات وأوقف كل الثغرات الجانبية الأخرى، فسوف ننجح.

- ما هي هذه الثغرات الأخرى التي يجب إيقافها؟
* إيقاف حرب صعدة ومعالجة القضية الجنوبية.

- وهل ما زال بيده ذلك؟
* نعم، فحرب الحوثيين كانت مشروع يمني سعودي إيراني بصفة إقليمية وبالتالي لم تعد مقبولة دوليا، والحراك في الجنوب قضية محلية لا تحظى بأي دعم دولي وبالتالي يمكن معالجتها محليا لا أقول معالجة كاملة وإنما تضميرها وجعلها أكثر ضمورا وأقل حدة،ويفرغ كل تلك الطاقة الجبارة فاعتقد انه سيحسم انجاز كبير في هذا الجانب.
وعندها سيكون الجانب العسكري في الحرب على القاعدة هو أصغر جانب خاصة أمام الآلة السياسية والإعلامية والثقافية التي استخدمها الأخ الرئيس في الانتخابات الرئاسية الماضية
كعلاقات قوية جدا مع كل مكونات المجتمع كالمشائخ والشخصيات الاجتماعية والأحزاب وغيرها لتجفيف الدعم الاجتماعي والقبلي للقاعدة، وبالتالي سيكون العمل العسكري محدود جداً وفي أقل من مستواه.

- كيف يتم معالجة الحوثية والحراك والسلطة تسعى إلى إقصائهم حتى من حق الحوار؟
* الحوثيون والحراك ليسوا مبعودين من الحوار بالشكل التي يصورها الإعلام فهم موجودين وشركاء في الحوار الحقيقي غير المعلن وبينهم تواصل.

- عبر ماذا؟
* عبر قنوات خاصة بهم، فهم بعيدين عن كرنفالات الحوار سواء في كرنفالات السلطة أو المعارضة لكنهم موجودين في كواليس الحوار الحقيقي.

- لكن كيف يتم إيقاف الحرب دون معالجة جذرية ودون وساطة خارجية حتى لو كانت قطرية؟
* الوضع الطبيعي - في ظل تدخل خارجي- أن توقف الحرب في صعدة وأن تعالج القضية الجنوبية، فالحوثيون يشبهون القاعدة إلى حد كبير من حيث الإحساس بإمكانية النصر المبين، وحينما تتوقف الحرب في صعدة فإن الحوثيين بصفة مباشرة هم خاسرين لأنهم يفقدون ساحة مواجهة واستقطاب وبالتالي لن يكسبوا دعم دولي ولا استقطاب، وعندما تقف الحرب سيعيشون عاديين مثل غيرهم.

- إذاً السلطة مستفيدة من إيقاف الحرب ومعالجة القضية الجنوبية؟
* المستفيد من إيقاف الحرب ومعالجة القضية الجنوبية هي المعارضة السياسية ، لأن كل هذه الأحداث هي تسحب من رصيد المعارضة السياسية وتنحت منها،الشارع الآن مقسم بين حوثيين وحراك وقاعدة أو غطاء سلفي لها، وأصبحت أحزاب اللقاء المشترك مثلها مثل المؤتمر معلقة في الهواء وأنا أقول المؤتمر كحزب أما السلطة بأجهزتها فهي موجودة إلى حد كبير، فعليهم أن يوفروا مناخ ملائم للعمل السياسي الحزبي الطبيعي.

- من المسؤول عن غياب هذا المناخ؟
* جميعهم مسؤولون ، والمعارضة مسؤولة أكثر لأن السلطة لا يمكن أن توفر لها مناخ حتى تأخذ السلطة منها، أنت معارضة تسعى إلى تداول سلمي للسلطة يعني لا بد أن تنتزع السلطة من المؤتمر الشعبي العام.

- الآن العالم يتحاور ويلتقي من أجل اليمن، والقوى السياسية لم تتحاور فيما بينها؟
* كنت أتمنى أن يتم الحوار بين السلطة والمعارضة قبل الذهاب إلى لندن وأن تذهب اليمن إلى لندن وهي قوية ومتماسكة، ولكن للأسف عامل الوقت واقتناص الفرصة ليس حاضراً في أذهاننا،واللقاء المشترك وضع ورقته في مكان مخاطرة جداً جداً.

- كيف؟
* إن عادت السلطة قوية من مؤتمر لندن فستستقوي بها على الحوار، وإن عادت وهي أكثر حاجة للحوار فسوف يتعزز هنا دور المعارضة، ولكن هذه مخاطرة وعجز في المبادرة.

- مادام السلطة بحاجة إلى الحوار قبل مؤتمر لندن فلماذا لم تستجب لمطالب المعارضة برأيك؟
* اللعبة السياسية أنا أسميها فن التسويات وبشكل يومي فالذي يتخلى عن التسويات يتخلى عن السياسة ، ومشكلة القاعدة والحوثيين أنهم يتخلون عن تسويات، لكن العمل السياسي لا بد أن تكون هناك تسويات يوميا سواء داخل الأحزاب ذاتها أومع الآخر ومع الخصم ومع المنافس، لكن عندنا ثقافة تعتبر التسوية شيء سيء كصفقة لكنها بالعكس الحياة كلها تسوية والرسول (ص)عمل تسويات كثيرة.

- وما الحل إذاً في ظل غياب الحوار وانعدام التسويات؟
* أنا أرى نقلاً عن الأستاذ عبدالوهاب الآنسي وهو يستشهد بالآية القرآنية"إن مع العسر يسرا" فعندما يصل العسر إلى أقصى ما يمكنه يأتي اليسر، ونقلاً أيضا عن اليساريين قالوا "الديالكتيك" كل أزمة تحمل في رحمها حلّ.

الآن وصلنا إلى قعر الأزمة ولو حدثت لحظة وعي وهي ضرورية لتحقيق حد أدنى من الوفاق الوطني ممكن نعمل استدارة حادة لتجاوز كل هذه الإشكاليات.

زر الذهاب إلى الأعلى