[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

خمس لوحات

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - خمس لوحات

النبيّ:
هوَ الشمسُ
منْ ضوئِهِ تستمدُّ الخليقةُ حكمتَها
واستنارتَها،
هوَ منْ أوصلَ الأرضَ باللهِ
في لحظةٍ لا مثيلَ لها،
بأصابعِهِ المطمئنّةِ
أوصدَ أبوابَ مملكةِ اللَّيلِ
والظلمةِ الأبديّةِ،
أطلقَ في الأرضِ أشجارَهُ
وقناديلَهُ،
فاستوى ظلُّها
واستقامَ لها الضوءُ..
ماذا جرى يا ابنَ آمنةِ
المصطفى؟
كيفَ أغمدتَ سيفَ المحبّةِ
في كبدِ الحقدِ
أعلنتَ أنَّ العبادَ سواسيةٌ؟
كيفَ عادوا إلى أبيضٍ يتباهى
بما شمَّعَ اللَّيلُ منْ لونِهِ،
وشريدٍ يباهي بأحسابِهِ،
وغنيٍّ يواري فواحشَهُ
يشربُ الخمرَ معصورةً
منْ دمِ الفقراءْ.

الصِّدِّيق:
ليَ في العزلةِ المطمئنّةِ
أنْ أتذكَّرَهُ،
أتذكّرَ وجهاً منَ الصدقِ
أهدى إلى بشرِ الأرضِ
أمثولةً لليقينِ،
بماءِ صداقتِهِ
تكتبُ الأرضُ أبناءَها الطيّبينَ،
السَّماواتُ تختارُهم للمهمّاتِ،
تغسلُ أرواحَهم بندى الكلماتِ،
وتطلقُهم في فضاءِ العصورِ
جيوشاً منَ الضوءِ..
يا سيّدَ الصدقِ
يا ثانيَ اثْنينِ في الغارِ،
كيف ترى أمّةً لا صديقَ
ولا صدقَ في أهلْها،
تتقلّبُ جُثَّتُها فوقَ نارِ الأكاذيبِ
أحلامُها شجرٌ طاعنٌ
ومواقيتُها لغةٌ تالفةْ؟!

الفاروق:
أيجوعُ الخليفةُ
والأرضُ ملكُ يديهِ
الفراتانِ
والشّامُ
والنِّيلُ - لو شاءَ - كانتْ حدائقَهُ؟
ليسَ بالخبزِ يحيا تلاميذُ أحمدَ
أو بالقصورِ يشيدونَ مملكةَ اللهِ..
هذا أوانُ الحسابِ:
الخليفةُ جاعَ لتشبعَ أمّتُهُ
كم منَ الخلفاءِ يجوعونَ..
بل يشبعونَ ليأكلَ طفلٌ؟
وكم حاكمٍ يتفجَّعُ
إنْ عَثَرَتْ بغلةٌ في جبالِ العراقِ
أوِ ارتعدَتْ منْ بكاءِ اليتامى
أناملُهُ؟
يا لَهُ رجلٌ في ثيابٍ مرتَّقَةٍ
وضميرٍ بلا رُقَعٍ
أو ثقوبْ!

الباب:
رجلٌ مورقٌ
في أحاديثِهِ شجرٌ
وورودٌ،
إذا ما دخلتَ حدائقَهُ
غمرتْكَ النبوءاتُ،
واستحوَذَ الضَّوءُ - ضوءُ يديهِ -
عليكَ،
ومنْ ماءِ نهجِ البلاغةِ
يخرجُ نهرٌ منَ الصَّلَواتِ،
ونهرٌ منَ الحكمةِ المستريبةِ
في بشرٍ كالحجارةِ
لا يخشعونْ..
سيدي: إنَّ ليلَ ابنِ هندٍ
تناسلَ في الأرضِ أقنعةً
وسلاطينَ،
يسألُكَ الأفْقُ: أينَ المفَرْ؟!

الزهراء:
هيَ سيّدةٌ منْ شعاعٍ
وعطرٍ،
تماهتْ معَ النورِ،
حينَ تسيرُ تضيءُ النجومُ الأليفةُ
في خَطْوِها،
وعلى الأرضِ عطرُ شمائلِها
تتضوَّعُ منهُ الدهورُ
ولا ينتهي.
منْ رنينِ اسْمِها يصعدُ الضَّوءُ،
تورقُ أحجارُ مكّةَ
تخضرُّ صحراءُ نجرانَ،
سيدتي:
كلُّ ليلٍ له نجمةٌ تتحدَّى الظلامَ،
سوى ليلِنا لا نجومَ بِهِ..
أطفأَ الحقدُ أحلامَ كلِّ الرجالْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى