[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

تسع قصائد لإنسان آخر القرن

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - تسع قصائد لإنسان آخر القرن

- 1 -
أُمُّكَ الأرضُ لَمّا تزلْ
مثلَ عينيكَ
طازجةَ الشهواتِ،
ولم ينكشفْ سِرُّها بعدُ،
ماذا تخافُ؟
منَ الناسِ يعصمُكَ اللهُ
لكنَّ... منْ يعصمُ الناسَ منكَ
ومنْ شرِّ نفسِكَ،
منْ يعصمُ الوردَ منْ شرِّ عينيكَ
والضوءَ منْ ظلماتِ يديكْ.
آهِ لَهْفي على الناسِ منكَ
ولَهْفي عليكْ.

- 2 -
نازحٌ..
فيكَ عشرٌ منَ الموبقاتِ الثقيلةِ،
معذرةً.. لستُ أهجوكَ
أنتَ الذي بخطاياكَ تهجو الحياةَ
بأشجارِها
وبأحجارِها،
أنتَ منْ تشتكيكَ العصافيرُ
والبحرُ والنهرُ،
بل أنتَ مَنْ أعمَلَ الفأسَ
في روحِ معراجِهِ،
وتوعّدَ شرّاً بكلِّ النبيّينَ
والأتقياءِ،
تحوَّلَ أرجوحَةً في الهواءْ.

- 3 -
أنتَ تشبهني،
وأنا أُشبِهُ الآخرينْ،
كلُّنا منْ ترابٍ وماءٍ
أتينا منَ الأرضِ،
لا أحدٌ سوفَ يأخذُها معَهُ
سوفَ تأخذُنا معَها،
منْ قميصِ الفراغِ أتى ظِلُّنا
وسيمضي إلى قمقمِ الطينِ،
لا أحدٌ سوفَ يأوي إلى جبلٍ
أو زعيمٍ،
ولا عاصمٌ غيرُهُ..
العمائمُ كالقبّعاتِ
وفصلُ الخطابِ بما ترتديهِ
القلوبْ.

- 4 -
قليلٌ منَ الحزنِ يكفي
ليرتعشَ القلبُ،
بعضٌ منَ العشقِ يكفي
لترتعشَ العينُ،
شيءٌ منَ الخوفِ يكفي
لترتعشَ الساقُ..
يا صاحبي خشباً صارَ قلبُكَ،
عيناكَ منْ صَدَفٍ لا يرى
قدماكَ..
إذا شئتَ قلْ: حجرٌ
وإذا شئتَ قلْ: منهما يستعيذُ الحجرْ.

- 5 -
لستَ وحدَكَ
مَنْ يكتبُ الشعرَ في الأرضِ،
هذي الفراشةُ - يا صاحبي -
كتبتْ في فضاءِ الحقولِ
قصائدَها
رسمتْ أعذبَ الكلماتِ
على ورقِ الزعفرانِ،
وخطّتْ أصابعُها للجداولِ
أغنيةً لا تكفُّ عنِ الضوءِ..
هلْ تسمعُ النايَ؟
هذا رنينُ الفراشاتِ
فضّةُ أشعارِها
وهديلُ مناديلِها النّاعسةْ.

- 6 -
خارجَ النصِّ تنشرُ روحَكَ
حتى التلاشي،
هلْ ترى في ارتعاشِ النهارِ إذا جاءَ،
في فضّةِ اللَّيلِ غيرَ زناخةِ ذاتِكَ.
يا صاحبي
يا أنا،
ذاتُكَ الباطنيّةُ
لا ترتدي غيرَ جلبابِ وسواسِها،
لا ترى غيرَ نصفِ الشوارعِ
غيرَ غلافِ الحديقةِ..
فاخلعْ جلابيبَ عينيكَ
واهبطْ دهاليزَ قلبِكَ
منْ قبلِ أنْ يسقطَ الضوءُ
والأقحوانْ.

- 7 -
قد تكونُ المفاجأةُ البكْرُ
أنَّ القيامةَ - في عالَمِ الرُّوحِ -
قامتْ،
وصرنا نشاهدُ - عَبْرَ التصاويرِ-
أوصافَها،
ونرى جنّةَ اللهِ ناصعةً كالقصيدةِ،
لا مُدُنُ العصرِ باقيةٌ
لا.. ولا زبدُ الأبجديّاتِ باقٍ،
وأحصنةُ الغيمِ تضربُ أقدامَها
تتمايلُ،
تلهثُ خلفَ ظلالِ الحسدْ.

- 8 -
شظايا زجاجِ الحقيقةِ منهمرٌ
تحتَ أقدامِنا،
كيفَ يخفُتُ ومضُ الإشاراتِ
فينا على عجلٍ؟
كيفَ تهدأُ نارُ المواقيتِ؟
إنَّ بروقاً يمانيّةً تَتَنَزَّلُ مسرعةً
خلفَ أجفانِنا،
وطيوباً (سقطريّةَ) اللَّونِ
تسكبُ دهشتَها،
وتحومُ على ملعبِ الأرضِ..
لا أحدٌ يستجيبُ،
عيونُ اليمانينَ مطفأةٌ
وعيونُ البَرِيّةِ مطفأةٌ،
خرزُ اللَّيلِ
يا صاحبي
أطفأتْهُ العيونُ التي لا ترى
ما تراهُ القلوبْ.

- 9 -
لم تكنْ في المكانِ،
وإنْ كنتَ يا صاحبي
ممسكاً صولجانَ المكانْ.
لم تكنْ في الزِّمانِ
وإنْ كنتَ يا صاحبي
ممسكاً صولجانَ الزَّمانْ.
ما المكانُ الذي كنتَهُ
ما الزَّمانْ؟
أنتَ لا شيءَ قبلَ المجيءِ
ولا شيءَ بعدَ الغيابِ،
لأنّكَ يا صاحبي حفنةٌ منْ دُخانْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى