[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

خمس قصائد للصيف

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - خمس قصائد للصيف

-1-
أغمضَ حزنَهُ ونامْ.
أغمضتِ الشمسُ نهارَها ونامتْ
وأغمضَ الليلُ نجومَهُ ونامْ
أغمضتِ الجبالُ صمتَها
والبحرُ ماءَهُ
والحقلُ عشبَهُ ونامْ،
أغمضتِ المدينةُ الأسواقَ والبنوكَ
والمعتقلاتِ والمعسكراتْ،
أغمضتِ المُدَى ونامتْ!
- 2 -
أيتُها القصيدةُ
الملاكُ نامي!
لم يبقَ إلاّ حرفُكِ المضيءُ
لم ينمْ
ملءَ خطاهُ يصحو،
ملءَ هواهُ يصحو
يمشي على سمادِ الرُّوحِ ذاهلْاً
يجسُّ ثديَ الأرضِ
ينقرُ الأبوابَ
ينحني تحتَ لهاثِ الكلماتِ
خلفَ سِدْرَةِ المعنى..
وكالشهيدِ لا يطيقُهُ النومُ
وهلْ ينامُ الضوءُ
والذِّئابُ صاحيةْ؟!

- 3 -
لا شأنَ لي بهم
هذا الفراغُ صوتُهمْ
ووقتُهمْ
هذا المدى قبورُهم
ليسَ لهم ماءٌ
ولا غيمٌ ولا فضاءٌ..
خائفونَ عندَ أبوابِ النعاسِ
راكعونْ.
لا شأنَ لي بهم
نفيتُ عنهم لغتي
قصيدتي،
وجئتُ كالدَّمِ المطلولِ
باحثاً خلفَ تخومِ الأرضِ
عنْ وجهي،
عنْ وجهِ أمّتي المثقلِ بالغبارِ،
جئتُ عاشقاً يلامسُ الترابَ
يُغدِقُ الحُبَّ على العصافيرِ
ويبني بالكلامِ أعشاشاً
ويمسحُ الأيّامَ بالمِلْحِ
وبالدُّموعِ الساطعةْ.

- 4 -
لا ضوءَ فوقَ الكلماتِ
لا ظلالَ تحتَها،
أجفَلَ منْ يباسِها الوقتُ
تلعثمَ النّدى
لم يبقَ إلاّ القحطُ والسرابْ،
هذا الذي يحسبُهُ الخائفُ إنساناً
فيحني قلبَهُ،
حتى إذا أدركَهُ
عضَّ أصابعَ الرّملِ
بكى منَ الخيبةِ
ألقى عامداً بقايا وردةٍ في كَفِّهِ
اشتوى
وذرفتْ منْ قلبِهِ الطعينِ وردتانِ..
هذا دمُهُ على قميصِ الأرضِ
عالقاً على موائدِ القبائلِ الكبرى،
وصوتُهُ المثلومُ مرسومٌ
على مناديلِ الرِّياحِ الشّاحبَةْ.

- 5 -
بهيّةً كانتْ بيوتُنا،
بهيّةً كانتْ قبورُنا،
بهيّةً أرواحُنا،
كالضوءِ كانَ الشعرُ،
كالحدائقِ المعلّقاتِ كانَ حبُّنا.
يا قمرَ العشيّةِ البعيدَ
يا بقايا الضوءِ في الدِّماءْ
ويا نجومَ الشّاردينَ في أقاصي الأرضِ،
عادتِ النّذورُ لم تُقْبَلْ
وعادَ القحطُ،
صارَ الصيفُ عاقراً
والنخلُ عاقراً..
لا ماءَ في فضاءِ الرُّوحِ
لا شَجَرْ،
العتمةُ استولتْ على الأجسادِ
والبلادِ،
نامَ الغيمُ في ثيابِهِ،
ونامَ عنْ أوقاتِهِ المطرْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى