[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

لؤلؤة

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - لؤلؤة

أقريةٌ
أمْ إنّها قصيدةٌ قد هبطَتْ للتَوِّ
منْ حدائقِ الإلهْ.
أحجارُها نقيّةُ الضوءِ،
نوافذُ البيوتِ فيها تشبهُ الشّفاهْ؟

* * *
لم تعدِ المرايا في مدينةِ اللَّيلِ
تراني..
أينَ يا سيّدتي أرى وجهي
أرى روحي؟
تشيرُ لي سيّدةُ الوقتِ:
هناكَ خلفَ هذا الجبلِ المقيمِ
في ظلالِ مَنْزلٍ تكوَّرَ الزَّمانُ حولَهُ
وجلسَ الأسلافُ
يشعلونَ نيرانَ الحديثِ
في مواقدِ الذّكرى،
ويرحلونَ في حنينٍ
طافحٍ بالغيمِ
والأسرارْ.

* * *
(لؤلؤةٌ) هذا اسْمُها الصاعدُ
كالوميضِ،
تعتلي الصخورَ
مثلَ نسرٍ جاثمٍ يهمُّ بالإقلاعِ
مثلَ شرفةٍ حالمةٍ
تنهضُ فوقَ سقفِ الكوكبِ
الأرضيِّ..
إنّها (لؤلؤةٌ)
كما هوَ اسمُها المكتوبُ
في فضاءٍ كالرُّخامِ مبلولِ الهواءِ،
تفتحُ الأرضُ شبابيكَ حقولِها
لأقواسٍ منَ الشمسِ
وقطعانٍ منَ الماعزِ والأبقارِ،
تتقي اندلاعَ الضوءِ
بالمناديلِ التي تنشرُها الأعشابُ
والصّبايا..
كشجرِ الحقولِ قربَ النَّبعِ
حيثُ يضحكُ الماءُ
إذا التقى بالعطرِ
والجِرارْ.

* * *
أقريةٌ هذي التي أرى
أمْ إنّها قصيدةٌ تهبطُ للتَوِّ
على أناملِ الإلهْ.
أحجارُها نقيّةُ الضوءِ
نوافذُ البيوتِ أمْ شفاهْ؟

* * *
صامتةٌ عيونُ الناسِ
إلاّ منْ ظلالِ بسمةٍ شفيفةٍ
ترسمُ في طريقِ كلِّ قادمٍ
تحيّةً صامتةَ الحروفِ
كالندى
تقولُ في براءةٍ:
لا يورقُ الكلامُ في دروبِ هذا المرجِ
مفرداتُ اللُّغةِ السَّكْرَى
تدوخُ في توهُّجِ الضوءِ
وفي تفتُّحِ العطرِ
وفي غيبوبةِ الظِّلالْ.
وحينَ تسكنُ الرُّوحُ
ويهدأُ الصدرُ
على صخورِ القريةِ الملساءِ
كالقطنِ،
يرى القلبُ على حوائطِ البيوتِ
موسيقى وأغنياتٍ
جرَّحَ الزَّمانُ صوتَها
المائلَ للبكاءْ.

* * *
سيّدةَ الوقتِ سلاماً
لم تكنْ هذي التي أراها قريةً
وإنما أنثى منَ الأحجارْ.
ولم يكنْ ذاكَ الذي رأيتُهُ حقلاً
ولا حديقةً
بل كانَ مرآةً منَ الرملِ
رأتْ روحي بها وجهي،
بلا تجاعيدَ
بلا أوزارْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى