[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

أشجان مائيّة

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - أشجان مائيّة

شجنٌ كالكِرِسْتالِ في فضّةِ اللَّيلِ
يومضُ
يورقُ كالماءِ،
لا تتوانى مواعيدُهُ الغامضاتُ
ويعذُبُ كالحُلْمِ إيماؤُهُ،
حينَ يخلعُ عتمتَهُ
ويسارعُ للنَّبْشِ عنْ مدنٍ
غمرتْها مياهُ زمانٍ تبدَّدَ،
سربُ يمامٍ يشاغبُ جدرانَها
ودُمَىً أوهمتْ روحَهُ
أنَّ لا وقتَ يُغْري
سكينتَهُ،
حلوةٌ..
مرّةٌ هيَ فضّةُ هذا الشجنْ.

* * *
كانَ يشربُ قهوتَهُ لاهياً
ويداعبُ شمسَ الصباحِ
بريشتِهِ،
خصلةٌ تتوهَّجُ منْ شعرِها،
هبطتْ
وتماهتْ على ورقِ الرَّسْمِ..
ها هيَ تبتلُّ باللَّونِ
تأخذُ شكلَ خيولٍ
تضيءُ حوافرُها،
تتقافزُ خارجَ دائرةِ الظِّلِّ،
ترحلُ في ماءِ أشجانِها الشاردَةْ.

* * *
شجنٌ أبيضٌ كالسحابةِ
يصعدُ منْ أوِّلِ العمرِ،
ينثالُ أخيلةً،
يترقرقُ شوقاً، حنيناً
يدقُّ جدارَ الطفولةِ في وَلَهٍ حارقٍ..
كانَ يمطرُ فوقَ هضابِ التذكُّرِ،
ها هوَ ذا هاطلٌ
مثلَ حُلْمٍ خفيفٍ،
أمدُّ يدي نحوَهُ،
أتحسَّسُ ماءَ براءتِهِ فيغيبْ.

* * *
شجنٌ في براري دمي
يتعمَّدُ إيقاظَ فصلٍ قديمٍ
منَ العمرِ،
رائحةٍ لمواويلَ منسيّةٍ،
يتلفَّتُ،
يطرقُ بابَ الظهيرةِ
ينسلُّ في شفقٍ شاحبٍ
يستوي وجهُهُ
كبقايا المغيبِ على الأرضِ،
في لونِ أمسيةٍ
ترتدي معطفاً منْ أغانٍ
وأزمنةً منْ أساطيرِنا الدّافئةْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى