[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

خمس قصائد لمياه الأحزان

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - خمس قصائد لمياه الأحزان

أحزانُ الياء:
أنا في آخرِ الأبجديّةِ
لا شأنَ لي،
ظلمَتْني القواميسُ،
جغرافيا الوقتِ خانتْ
ضياءَ البدايةِ
وانكفأتْ..
كم زمانٍ مضى
منذ جاءتْ بيَ الأرضُ
جئتُ بها؟
كائناتُ الفجيعةِ تسكنُني كالجبالِ
وتمتصُّني كالرياحِ،
ولا شأنَ لي في سوايَ
ولا شأنَ لي في شؤوني،
إلى أينَ أمضي؟
تكسَّرَ في داخلي
ألفُ مليونِ سيفٍ وسيفٍ،
وما زالَ قلبي طريّاً،
يحبُّ، ويَنْزِفُ أشواقَهُ،
لمياهِ الفصولِ الجميلةِ يشتاقُ،
يهوى معاكسةَ الشمسِ
والأنجمِ الفاتناتْ.

أحزانُ الشين:
في القصائدِ خبّأْتُ ثروةَ عمري،
دفنتُ كنوزَ الشبابِ
وما ادَّخرتْهُ الكهولةُ،
لكنَّ كفّي المليئَةََ بالكلماتِ الثمينةِ
لم تدّخرْ غيرَها،
جسدي مَنْزلي
وقميصي غطائي،
وصنعاءُ هذي العجوزُ الجليلةُ
تفتحُ لي بابَ أحزانِها،
وتقولُ: هنا خبَّأ الرَّبُّ أفراحَهُ
والكنوزَ التي ادَّخرتْها عنايتُهُ
للمحبِّينَ منْ خلقِهِ،
فارتحلْ نحوَهُ
كنْ وحيداً معَ الواحدِ.

أحزانُ الكاف:
كلُّ نفسٍ وما كسبتْ
كلُّ كفٍّ وما كتبتْ
ليتَ نفسي التي هطلَتْ
منْ سماءِ الإلهِ
مبرّأةً لا عظامَ
ولا لحمَ يسترُها،
ليتَها مكثتْ عندَ تلكَ الينابيعِ
تسكنُ آخرَ بيتٍ منَ الغيمِ
طاهرةً،
ليتَ كفّي التي خدعَتْني
وباعتْ دمي بغبارِ الكلامِ
استراحتْ،
وليتَ الكلامَ الذي سالَ
فوقَ يدي
قد شفى الرُّوحَ،
أو أنَّ صخرتَهُ سقطَتْ
في غبارِ الزِّحامْ.

أحزانُ القاف:
رفعوني إلى عرشِهم
عندَما كانتِ الأذنُ تقرأُ
والعينُ تسمعُ،
كانَ الكلامُ غذائي إذا مسّني الجوعُ،
كانَ غطائي إذا مسَّني الخوفُ،
كانَ، وكانَ
ولكنّهم أسرفوا في الخيالِ
وأسرفتُ في الواقعيّةِ،
فانقطعَ الوُدُّ بينَ الحروفِ
وأفعالهِا..
هلْ يعودُ إلى الشعرُ سلطانُهُ
وإلى قارئِ الشعرِ إيمانُهُ
أمْ نقولُ: وداعاً،
وداعاً لوردِ الكلامْ؟!

أحزانُ الفاء:
ليسَ لي منْ سمائي سوى الخوفِ
والأرضِ - يؤسفُني -
أنَّ لا شيءَ لي فوقَها،
للعناكبِ بيتٌ
وللنملِ مملكةٌ،
للطيورِ قصورٌ بحجمِ الفضاءِ،
ولي وحدتي،
لا مكانَ لظلّي على الأرضِ،
لا شيءَ لي بينَ هذا الزِّحامِ
ولا شيءَ يمسكُني،
قيلَ لي: إنَّ قبراً بحجمِ عظامي
سيصبحُ مِلْكي
إذا هجرَتْني الحياةُ،
لهذا أحبُّ القبورَ
وأهوى الجلوسَ إلى أهلْها..
إنّهم طيّبونَ
ومحترمونَ،
وأخشى القصورَ
أخافُ الكلابَ التي عندَ أبوابِها
وأخافُ الجرادْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى