[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

القصيدة الثالثة

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - القصيدة الثالثة

هيَ في عمرِ سامِ (ابنِ نوحٍ)
قصورٌ معتَّقَةٌ
وشبابيكُ منْ فِضَّةٍ..
الحمامُ الذي اخْتَطَّها بعدَ أنْ هدأَ الغَمْرُ
وانحسرَ الفَيَضانُ
يحلِّقُ فوقَ نوافذِها
ويغنّي لأسلافِهِ،
للقناديلِ تومضُ في أوَّلِ اللَّيلِ
للضوءِ يرقصُ فوقَ التلالِ
وللأغنياتِ القديمةِ تنسابُ رقراقةً في الشوارعِ.
دافئةٌ
ومُدَثَّرةٌ بالبخورِ البيوتُ
الميادينُ مبتلَّةٌ بالأحاديثِ
والمفرداتِ الطريَّةِ
ماذا يقولونَ؟
صنعاءُ تغفو على مقعدٍ
تحتَ عرشِ الإلهِ
وتمسحُ بالعطرِ أشجارَها المثمراتْ.

* * *
(المدنُ الجميلةُ كالنساءِ الجميلاتِ
لا يخضعنَ لحسابِ الزمنِ
ولا يفصحنَ عنْ أعمارِهِنَّ.
الآثاريُّونَ وحدَهم يقرأُونَ أعمارَ المدنِ
باللَّمْسِ،
والأطبّاءُ وحدَهم يعرفونَ منْ ظلالِ التجاعيدِ
ثمرةَ الزمنِ على الوجوهِ
أحدُ هؤلاءِ الآثاريينَ يقولُ:
إنَّ الميلادَ الأوَّلَ لصنعاءَ حدثَ قبلَ 8000 عامٍ،
وإنها خُلِقَتْ منْ أضلاعِ الجبالِ المحيطةِ بها..
كانَ (غَيْمانُ)
أوَّلَ منْ نقشَ على جبينِها هلالَ أشواقِهِ
وأوَّلَ منْ وهبَها منْ ضلعِهِ الأيسرِ الأعمدةَ الفارهةَ
أعطاها منْ جِلْدِهِ النوافذَ المتربِّصَةَ بالشمسِ..
منذُ عشراتِ القرونِ
وهيَ تطلُّ على الوادي.
وهوَ يقفُ بجوارِها مفتوحَ العينينِ
كأنّهُ في انتظارِ ريشةِ الزمنِ العبقريِّ
لترسمَ لهما صورةً تذكاريّةً
تطرِّزُها النساءُ في سجاجيدِ الصلاةْ).

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى