[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

تنهيدة يماني على جسر النهر الجاف

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - تنهيدة يماني على جسر النهر الجاف

كانَ اللَّيلُ سجيناً
يتمدَّدُ فوقَ سريرِ الأرضِ،
ويرضعُ ما أبقتْ سُحُبُ العامِ الشِّتْوي
منْ نيرانٍ في ضِرْعِ نجومِ الشرقِ
المطْفِيَّةْ،
والشمسُ امرأةٌ مَسْبِيَّةْ
منذُ احتجزَتْها الظلماتُ وراءَ الأفْقْ،
وتحطَّمَ وجهُ الفرحِ الأخضرِ؛
لم يتغسَّلْ جفنٌ بالنَّوْمْ..
النومُ بلا نَوْمْ
الشجرُ، الإنسانُ
الصخرُ، البحرُ بلا نَوْمْ
النهرُ بلا نَهْرْ،
الجسرُ يهاجرُ في الصَّحْراءْ
صدئَتْ عيناهُ منَ التَّحْديقِ إلى الظلمةْ،
يتراجعُ مذعوراً،
آلافُ النظراتِ العَطْشَى
تتساقطُ في عينيهِ على الوجهِ الحجري،
شوكاً، إبراً
أسئلةً..
أينَ النهرُ؟
وأينَ الماءْ؟
يا جسراً في الصَّحْراءْ
جَفَّ نخيلُ الفرحةِ
كلُّ عصافيرِ مدينتِنا نَفَقَتْ في الرَّمْلْ
فُرْسانُ الشمسِ يموتونْ..
فمتى تخضرُّ الشمسُ،
وَيَحْبَلُ غيمٌ بالأمطارْ؟
...........
...........
...........
النومُ بلا نَوْمْ
النهرُ بلا نَهْرْ
يتلوَّى مكسوراً
في رئةِ الأرضِ يغوصُ الجِسْرْ
القدمانِ الحجريّانِ تغوصانِ
الصدرُ الطينيُّ الأصفرُ
يدركُهُ السَّأَمُ الحَجَرِيُّ الأسْوَدُ
ينخرُ في عَظْمِ الصخرِ الدّاءْ
يَنْزِفُ في وجهِ اللَّيلِ دماً
قبراً
نعشاً..
يصرخُ لا ماءْ
واللَّيلُ امرأةٌ شَبَقِيَّةْ
تتمطَّى فوقَ سريرِ الأرضِ
النّازفةِ الحبلى.
ميعادُ حضورِ الشمسِ تأخَّرَ،
مَنْ يوقظُها منْ مرقدِها؟
مَنْ يوقظُها منْ مرقدِها؟
طالتْ رحلتُنا في اللَّيلِ الأبكمْ
لا شمسَ لنا، لا زادْ
لا نهرَ.. ولا أبعادْ،
الجسرُ يغوصُ
يغوصُ
يغوصُ
النظراتُ العَطْشَى تطعنُ وجهَ الأحجارْ
تطعنُها بالصمتِ الأحجارْ،
واللَّيلُ دخانٌ يتمطَّى
بحثاً عنْ نيرانٍ أخرى
عنْ صدرِ سريرٍ آخَرْ
.......
.......
هل سيجيءُ الفَجْرْ؟
الطينُ - هناكَ - فتاةٌ تحلُمْ
بمجيءِ الفَجْرْ،
حبلى تلدُ الصَّلْصالَ الأحمرَ
والأخضرْ،
تُرْضِعُ أشجاراً
ووروداً حمراءْ
لتجيءَ عصافيرُ الفَجْرِ،
وتبني مدناً عاشقةً
وجسوراً للحبِّ
وأنهاراً للماءْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى