[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

الطفل.. والمغنّي الغريب

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - الطفل.. والمغنّي الغريب

- 1 -
كانَ طفلاً شقيَّ الملامحِ،
أبناؤُهُ يكبرونَ
يشيخونَ،
يبتلعُ الموتُ أحفادَهُ..
وَهْوَ طفلٌ يراوغُهُ الموتُ
ترضعُهُ الأرضُ نارَ بكارتِها،
قدماهُ على كَبِدِ الطينِ
موثقتانِ إلى صخرةِ اللَّيلِ..
مَدَّتْ له الرِّيحُ قامتَها
فاستوى..
قدماهُ على الماءِ
صارَ اسْمُهُ قمراً
صارَ شمساً،
ولكنَّهُ عادَ طفلاً..
لماذا يبعثرُ أيّامَهُ في الطفولةِ؟!
صارتْ له قدمانِ منَ الماءِ
والنارِ،
كَفٌّ منَ الرِّيحِ
وجهٌ منَ الشمسِ،
صوتٌ منَ العاصفةْ.

- 2 -
متعباتٌ خطايَ على الرَّمْلِ
مرهقةٌ كلماتي،
كأنَّ الحروفَ مُدَىً وَدَمامِلُ،
موغلةٌ في عروقي
تُمّزِّقُ صدرَ النهارِ
تضاعفُ منْ زحمةِ اللَّيلِ.. تشرخُني.
مهرةَ الحُلْمِ مُدّي جدائلَكِ الخُضْرِ
نحوي،
لعلَّ حبالَ الظلامِ
التي كالثعابينِ تلتفُّ منْ حولِ خاصرتي،
عَلَّها تتناثرُ،
يدركُها السَّأَمُ المرُّ
يذبحُها خنجرُ الانتظارْ.

- 3 -
المشانقُ تنبتُ حولي..
أمامي وخلفي،
وأشجارُها في الفضاءِ القريبِ معلَّقَةٌ،
تتدلَّى نهاراً وليلاً
شتاءً وصيفاً،
نذرْتُ دمي، كلماتي
حياتي وموتي لهُ،
وَهْوَ يلهو بأشلاءِ أبنائِهِ
بانتصاراتِهم
بانكساراتِهم!
ذلكَ الطفلُ..
شابتْ على كَتِفَيْهِ النجومُ،
وشاختْ ضُرُوعُ الدُّمُوعِ
وما زالَ طفلاً
يحطِّمُ رأسَ التقاليدِ
والحكمةَ الميِّتَةْ،
ويحطِّمُهُ الجوعُ
والحكمةُ الميِّتَةْ.

- 4 -
منْ يعيدُ البراءةَ للقمرِ الطفلِ؟
منْ يرجعُ السُّحُبَ الممطراتِ إلى الرَّمْلِ؟
منْ يحملُ السيفَ في وجهِ ليلِ الصَّحارى
ويغسلُ وَحْلَ التَّسَوُّلِ
عنْ وجهِ مُهْرَتِنا؟
أيّها اللَّيلُ قِفْ
أيّها اللَّيلُ قفْ..
منْ يبارزُني؟
هكذا تصرخُ الكلماتُ!
فيخضرُّ سيفُ الجياعِ،
تطولُ حرابُ التمرُّدِ..
ها هوَ ذا الشِّعْرُ
تمضي مواكبُهُ للقتالِ،
ومنْ تحتِ راياتِهِ تستقرُّ الجماهيرُ
صَفّاً،
ويخرجُ منْ صمتِهِ الشعبُ
تولدُ منْ عُقْمِها الوردةُ النافرةْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى