[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

الرسالة الثانية

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - الرسالة الثانية

تحية من بلاد (سيف) إلى فاروق خورشيد
للمجهود الكبير من جانبه في إحياء
سيرة البطل الأسطورة.. الحقيقة
حزني عليكَ
عادَ كلُّ غائبٍ إلى الدِّيارْ،
ألقى الشَّريدُ للدُّجَى قيودَهُ،
ألقى شجونَهُ وطارْ،
وأنتَ في منفاكَ يا (سيزيفْ)
لا الصيفُ كانَ مشفقاً، ولا الخريفْ،
ولا (بروميثيوسُ) قد ألقى
على طريقِكَ الشِتْوِيِّ وَمْضَ نارْ.

* * *
حزني عليكَ,
عادَ بعدَ رحلةِ الرُّعْبِ المخيفِ (سندبادْ)،
سَفْراتُهُ السَّبْعُ انتهتْ
ألقى اغترابَهُ للبحرِ، ثمَّ عادْ،
وأنتَ تائهُ الوجهِ
غريبُ الكلماتْ.
الرَّخُّ ماتْ
النجمُ في عينيكَ في الضلوعِ ماتْ
والنورسُ اختفى
جَفَّتْ مياهُ البحرِ
يوشكُ الظِّلُّ يموتُ.. توشكُ الحياةْ،
ولم تزلْ في النارِ، في الجليدْ
مسافراً بعيدْ،
مُسَمَّرَ العينينِ مشدوداً إلى السَّرابْ
على جوادِ الحزنِ تزرعُ الآفاقْ
تبني لهم نواطحَ السَّحابْ
وفي الجُحُورِ يمنحونَكَ الظُّلْمَةَ
يُسْكِنُونَكَ الأنفاقْ،
تُسْلِمُكَ الرِّياحُ منْ مغامرٍ إلى أفّاقْ،
وكلَّ ليلةٍ على حوائطِ الدُّجَى
تمدُّ كَفَّيْكَ الهزيلتينِ للسَّماءِ..
للنُّجُومْ
تنشرُ خيمةَ الرَّجا
تسألُ في ضراعةِ الأطفالِ عنْ نَبَأْ،
عنْ (مأربَ) الحزينِ.. عنْ سَبَأْ.
فتصرخُ الأمواجُ والصُّخُورْ:
(اللَّيلُ ثابتٌ
ووجهُ الأرضِ لا يدورْ،
وفوقَ عرشِ اللَّيلِ يستوي (يكسومْ ([1]))
يصنعُ للنجومِ الباكياتِ..
للقصائدِ الحزينةِ السُّطُورْ
أرديةً منَ الغيومْ،
يرقصُ في دماءِ الأهلِ عابثاً
في عَرَقِ الأحزانِ يستحمُّ مَرَّةً،
ومرةً يعومْ).

* * *
حزني عليكَ،
تنطفي على جبينِكَ الأعوامْ
وفي المنافي تذبلُ الأحلامْ
تنكسرُ الأقمارُ في عينيكَ
والشُّمُوسْ،
وتورقُ الدموعُ
تثمرُ الآلامْ..
وفي مدينةِ الظلامْ،
تذرعُ ليلَ الأرضِ
باحثاً عنْ (منيةِ النُّفُوسْ ([2]))،
و (منيةُ النفوسِ) ها هنا في الدّارْ
تنسجُ ثوبَ العُرْسِ في سجونِها
تصارعُ الكابوس ْ
تنتظرُ الثُّوّارْ.

* فاروق خورشيد، كاتب كبير، وإذاعي معروف، له إضافات أدبية أصيلة في مجالات القصة والمسرح والدراسة الأدبية، وله اهتمام خاص بالسيرة الشعبية.. أعاد صياغة بعض السير الشعبية وفي مقدمتها سيرة (سيف بن ذي يزن) التي أعاد صياغتها في جزءين نشرهما منذ سنوات ضمن مجموعة (روايات الهلال).
([1]) (يكسوم) : الحاكم الحبشي لليمن في ظل الاستعمار.
([2]) منية النفوس: محبوبة سيف في الأسطورة الشعبية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى