[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

الرسالة الثالثة

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - الرسالة الثالثة

أكتبُ منْ سِجْني،
أموتُ خَلْفَ اللَّيلِ والجدارْ.
أينَ تكونُ.. لا أدري!
ولكنّي أرى على بُعْدٍ وميضَ نارْ
ألمحُ سيفَ (آصِفِ بْنِ بَرْخِيا ([1]))
يداعبُ الأسوارْ،
يضيءُ ليلَنا
يَذْخَرُ شحنةً منَ الرّعودْ،
سوفَ تَهُزُّ هذا الصمتَ
هذا اللَّيلَ
والجمودْ.
متى تَهُلُّ منْ سمائِنا الحزينةِ السَّوادْ؟
متى نرى وجهَكَ يا (ابنَ ذي يَزَنْ) ؟
أنهشُ في انتظارِكَ القيودْ
أطيلُ في طريقِكَ الصَّلاةَ والسُّجودْ،
أقبِّلُ الترابَ
والأحجارَ والدِّمَنْ
أقبِّلُ اليَمَنْ،
أزرعُ في جبالِها زهورَ الأملِ البيضاءْ
أكتبُ في سهولِها قصيدةَ المحبّةِ الخضراءْ
أرسمُ في الشَّواطئِ الحزينةِ الرِّمالْ
على الفضاءِ، عندَ خطِّ الأفُقِ البعيدْ
مدينةً ساحرةَ الأضواءْ
وحينَ تصهلُ القيودْ
تموتُ حولي كالعصافيرِ العجيبةِ الألوانْ
تطيرُ، تهربُ الأحلامْ
يفرُّ منْ عيني، ويبكي خَلْفَها المنامْ،
أصرخُ في الظلامْ.

* * *
أينَ تكونُ..
أينَ سيفُكَ البَتّارْ؟
يا قاهرَ (التَّتارْ)،
يا صانعَ النَّهارْ،
متى تعودْ؟
متى تَهُزُّ في أقدامِنا القيودْ؟
تقرَّحَتْ أجفانُنا،
تقرَّحَتْ أجسادُ شوقِنا الغريبْ
وليسَ في صحرائِنا طبيبْ،
صَحْراؤُنا تحبلُ بالبترولْ
تركعُ تستلقي لقادمٍ منَ المغولْ
يمنحُها منْ موجِ نَهْرِها العظيمْ
شيئاً منَ الوُحُولْ،
ويشربُ النهرَ
ويأكلُ الرِّجالَ
والأيامَ
والفُصُولْ؛
فأينَ أنتَ؟
أسمعُ الرِّياحَ في القِمَمْ
ألمحُ وجهَكَ الكريمْ
حوافرَ الخيولِ تستحثُّ الفَجْرَ
تمضغُ الظُّلَمْ
ونحنُ في انتظارِ الشمسِ
في انتظارِ القادمِ العظيمْ.

([1]) السيف المسحور الذي كان يستخدمه (سيف) في السيرة الشعبية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى