[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

قطرات من دم الجبل

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - قطرات من دم الجبل

كلُّ عصرٍ يجيءُ
وفي كفِّهِ قطراتٌ منَ الدَّمِ
في ثوبِهِ وردةٌ تتوهَّجُ
تحفظُ للشمسِ أشواقَها للنهارِ
وتمنحُ ألوانَها للنُّجومِ الشِّتائيّةِ الضوءِ
تغسلُ معطفَ أحزانِها
تتناسلُ في عتماتٍ منَ الزَّمنِ الطبقيِّ
شظايا..
وتغسلُ أزمانَنا.
قطراتٌ منَ الدِّمِ تخلقُ عَصْراً
وتهدمُ عَصْراً
وتطرحُ أسئلةً
تتشرَّدُ عبرَ القُرَى
تنذرُ الخائفينَ..
تجوسُ خلالَ الحواري العتيقةِ
- أوردةَ الفقراءِ النَّبِيِّينَ -
في الشارعِ العامِ تركضُ
باحثةً عنْ شهيدْ.

* * *
قطراتٌ منَ الدَّمِ
كانَ يحاصرُها ليلُ تاريخِنا،
وَهْيَ تطوي القرونَ
بخيلٍ منَ الرِّيحِ
تفتحُ بوّابةً
وتسابقُ موتاً
وتمتصُّ نوحَ النوافذِ
والشَّهَقاتِ التي غيَّبتْها الزنازنْ.
تتطلَّبُ في ساحةِ الضوءِ
فوقَ التلالِ البعيدةِ
وجهاً،
وتنقشُ قبراً
وترسمُ عشبَ البكاءْ.

* * *
منْ تكونينَ؟
يا قطراتٍ منَ الدَّمِ
تصنعُ هذا الطريقَ
المؤدّي لمقبرةِ الموتِ،
هذا الطريقَ
المؤدّي لنهرِ الزَّغاريدِ؟
ألمحُ في ظلِّ عينيكِ صوتَ حبيبٍ لنا
وأشاهدُ نارَ عصورٍ منَ القلقِ المتوهِّجِ..
أشهدُهُ يُنْبِتُ الجبلَ البِكْرَ ضوءُ أصابعِهِ.
ألفُ سنبلةٍ أثمرَتْ في الرِّمالِ، خُطاهُ،
وألفُ سؤالٍ حزينٍ على شفةِ الجبلِ المتألمِّ،
خَطَّتْ دماهْ.
وطني..
كانَ
ما زالَ
يبقى سخيّاً بأمواتِهِ
وسخيّاً بأحزانِهِ شجرُ البُنِّ،
يا وطني.. كنتَ أنتَ الشَّهيدَ،
وكنّا صغاراً على راحتيكَ
نداعبُ وجهَ الترابِ
نقبِّلُ جدرانَكَ الهرماتِ،
وحينَ سمعْنا نداءَ الجبالِ
تطيرُ بِهِ قطراتٌ منَ الدَّمِ
جئنا
أفَقْنا
اسْتَجَبْنا..
حملْنا همومَ القُرَى
وحملْنا عنِ الجرحِ أحزانَهُ
ووقفْنا نناديكَ:
يا طالعاً منْ نسيجِ شرايينِنا..
أنتَ علّمتَنا أنْ نكونَ
وعلَّمْتَ أشجارَنا أنْ تكونَ فكانتْ
وكانَ الشهيدُ
وكانَ المطرْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى