[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

قراءة أولى في كتاب التحدّي

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - قراءة أولى في كتاب التحدّي

وقوفاً - يقولُ الترابُ -
وقوفاً - تقولُ الحجارةُ -
طعمُ الحياةِ لذيذٌ
كطعمِ المماتِ
دفاعاً عنِ الأرضِ،
عنْ نخلةٍ في السُّجُونِ
تقدِّمُ خاتَمَ خطبتِها..
للَّذي إنْ دعتْهُ الزَّنازنُ
لم يتردَّدْ
وإنْ عانقَتْهُ المشانقُ
لم يتردَّدْ..
(شهيدُ الهوى)
للَّذي لا يساومُ
في لَحْمِ أطرافِها
للَّذي لا يخونُ دماءَ الترابْ.

* * *
أيّها المستحمُّونَ بالوَحْلِ
صوتُ الهوى في دمِ العاشقينَ
كتابٌ منَ الحُلْمِ يفضحُكم،
العيونُ المليئةُ بالصمتِ خلفِ المشانقِ
تفضحُكم،
جسدُ العاشقِ المتأرجحِ في زحمةِ اللَّيلِ
يفضحُكم؟
أينَ..
أينَ تولُّونَ أدبارَكم؟!
ساعةُ الدَّمِ دَقَّتْ
وطفلٌ يسمُّونَهُ العدلَ
طفلٌ يسمُّونَهُ الغَدَ ينمو،
على شجرِ الدَّمِ تمتدُّ أذرعُهُ
وتصيرُ له عَضَلاتٌ منَ الصَّخْرِ..
ها هوَ ذا قادمٌ
كلَّما ارتفعَتْ في الميادينِ مشنقةٌ
زادَ عُنْفاً
وتخضرُّ أحلامُهُ في الزَّنازنِ..
لا تفرحوا
إنَّ موتَ المناضلِ نَصْرٌ له،
إنَّ سجنَ المناضلِ وَعْدٌ بِوَصْلِ المطرْ.

* * *
أيّها المتعجِّلُ قتلي
لماذا يطاردُني حقدُكَ الهمَجِيُّ
ويرعبُني ظِلُّكَ المتوحِّشُ؟!
إنَّ سلاحي هوَ الحرفُ
والكلماتُ الحزينةُ،
في ساحةِ الحبِّ أعزفُ لحناً منَ الوردِ
أعزفُ لحناً منَ الشوقِ،
هل تتذكَّرُ ما الحبُّ
يا قاتلَ الشَّجَراتِ العظيمةِ؟
للحبِّ أشرعةٌ
وطيورٌ منَ النورِ
أسرابُها تتجوَّلُ في ليلِ عينيكَ
تكتبُ منْ دَمِها في جدارِ العشيّاتِ:
(إنْ غابَ وجهي
وغيَّبَني حقدُكَ الهمَجِيُّ،
فإنَّ الأغاني ستذبلُ
أمّا أنا فسأبقى
وتبقى دمائي تدقُّ نوافذَ كلِّ القلوبِ
تحاصرُ حقدَكَ عبرَ جميعِ الجهاتِ
وتمنعُ عنكَ التنفُّسَ
والماءَ
والغَفَواتِ؛
وإنْ لم تمتْ فَزَعاً
سوفَ تقتلُكَ الكلماتْ).

* * *
يخلعُ الدَّمُ صَكَّ عُبُودِيَّتي
ومراسيمَ خوفي،

وأنا المتدثِّرُ بالحزنِ يغسلُني فرحٌ خالدٌ
كلَّما دَقَّتِ السّاعةُ الدَّمَ،
أعلنْتُ مبتهلاً رافعَ الكَفِّ:
أنَّ صَلاتيَ للهِ
للشَّعْبِ،
للفقراءِ دمي..
كلُّ قطرةِ دمعٍ تَرَقْرَقُ منْ عينِ أرملةٍ
تتحوَّلُ مشنقةً وقبوراً،
تدقُّ بأحزانِها ساعةَ الدَّمِ..
فانتظري أيّنا الزَّبَدُ الطَّفْحُ
ولتعْلَمي أيّنا سوفَ يطردُهُ اللهُ
منْ عطفِهِ،
وإذا ماتَ مَنْ ستلاحقُهُ لعنةُ الدَّمِ،
مَنْ سوفَ ينمو على قبرِهِ
شجرُ اللَّعَناتْ؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى