[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

(ذو نواس).. البحر والاغتيال

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - (ذو نواس).. البحر والاغتيال

أحملُ (صنعاءَ) على كَتِفي وأصيحْ
أحملُ (عَيْبانَ) على كَتِفي وأصيحْ:
منْ يحجبُ فاتحةَ الشمسِ عنِ الأشجارْ
ويلطِّخُ وجهَ النهرِ بِرَوْثِ العارْ؟!

(ذو نواسَ) اشترى الموتَ.. )
حينَ رأى في الجوادِ المهاجرِ
ظلَّ استغاثةِ عينيهِ
باعَ الهوى واشترى نفسَهُ..
ثابتٌ والجوادُ على مدخلِ البحرِ
خيطٌ منَ الدَّمِ
منْ حولِهِ الشمسُ تبرقُ..

يا طفلةَ البُنِّ
يا امرأةً ثكلَتْ وَرْدَها
ناوليني يديكِ أقبِّلُ جُرْحَهُما
ثمَّ أقرأُ فوقَهُما طالعي..
كانَ يحملُ بينَ يديهِ جذورَ الورودِ،
وينثرُها في الطريقِ
يبلِّلُها بدموعِ الشَّرايينِ
يجلسُ بينَ عصافيرِها حالماً،
كانَ بينَ الجوادِ وظِلِّ المقابرِ
شوطٌ منَ المدِّ،
كانَ الجدارُ بعيداً
وكانَ المغنّي يداعبُ قيثارةَ الرِّيْحِ
يستعجلُ الشمسَ
يستعجلُ النارَ،
يعلنُ للطيرِ
للوَحْشِ
للجُزُرِ النّائماتِ،
مواعيدَ خَلْوَتِنا.

(ذو نواسَ) ارتدى حُبَّنا
وطَيالِسَ أشعارِنا،
سارَ تسكنُهُ موجةٌ
منْ بروقِ الفَرَحْ.

أحملُ (صنعاءَ) على كَتِفي وأصيحْ
أحملُ (عَيْبانَ) على كَتِفي وأصيحْ:
منْ يحجبُ فاتحةَ الشمسِ عنِ الأشجارْ
ويلطِّخُ وجهَ النهرِ بِرَوْثِ العارْ؟!

أوصدَ البحرُ أبوابَهُ غيرَ بابٍ
يؤدّي إلى القبرِ،
كلُّ مواعيدِنا احترقَتْ.
خرجَ الفارسُ المتلفِّعُ بالفَجْرِ
يبحثُ عنْ ثغرةٍ في الجدارِ..
(تعالَ هنا.. ) قالَ وجهُ الظلامِ،
(تعالَ هنا.. ) قالَ وجهُ الرِّيالاتِ
كلُّ المواعيدِ
مُثْبَتَةٌ في كتابِ الهوى.

طفلةُ البُنِّ تنتظرُ المتلفِّعَ بالفَجْرِ
عندَ جبالِ الشروقِ
تعدُّ طعامَ الفِطارِ..
(لماذا تأخَّرَ موعدُهُ؟)،
الحجارةُ في وجهِ صنعاءَ
أسئلةٌ تتدفَّقُ في غَسَقِ اللَّيلِ
خيطٌ منَ الدَّمِ يلمعُ،
يعدو الجوادُ وحيداً وفي عينِهِ
دمعةٌ تتألَّقُ..
أينَ الفتى؟!
كانَ يسقي جذورَ الورودِ؛
المدائنُ حُبْلَى
ونهرُ الطفولةِ يجري..
ولكنَّ شيئاً بظهرِ المدينةِ يزحفُ
يزحفُ
يشربُ ضوءَ قناديلِها،
تصمتُ الطُّرقاتُ
الوجوهُ الرَّماديّةُ اللَّونِ،
آخرُ نجمٍ هوى؛
أتراهُ السُّكونُ الذي يسبقُ
العاصفةْ؟!

أحملُ (صنعاءَ) على كَتِفي وأصيحْ
أحملُ (عَيْبانَ) على كَتِفي وأصيحْ:
منْ يحجبُ فاتحةَ الشمسِ عنِ الأشجارْ
ويلطِّخُ وجهَ النهرِ بِرَوْثِ العارْ؟!

للطَّريقِ المؤدّي إلى البحرِ بوّابتانْ
للطَّريقِ المؤدّي إلى الفَجْرِ بوّابتانْ..
(ذو نواسَ) اختفى بينَ بوّابةِ البحرِ
والفَجْرِ،
كيفَ اختفى؟!
الحجارةُ في وجهِ صنعاءَ أسئلةٌ
ودموعٌ،
وكلُّ الشُّمُوسِ البعيدةِ تأخذُ شكلَ الرِّمالِ..
لماذا تئنُّ الخطى
ويضيقُ المدى.
وَحْدَكَ الآنَ..
هل جاءَكَ الموتُ منْ حيثُ تدري؟
وهل أنكرَتْكَ الوجوهُ الأليفةُ
في لحظةِ الاغتيالْ؟!

الورودُ ثقوبٌ على جسدِ الأرضِ
لا ماءَ في البحرِ
أمواجُهُ تتهاوَى،
الورودُ ثقوبٌ على جسدِ الأفْقِ،
ما بلَّغوا بعدُ بالنَّبَأِ المرِّ طفلَتَهُ؛
طفلةُ البُنِّ في مطبخِ السَّهَرِ - الحُلْمِ
لَمّا تزلْ تغمسُ الخبزَ
في العَسَلِ / الدَّمِ..
يَنْزِفُ منْ وجهِ (عَيْبانَ)،
يكتبُ بالمطرِ المتساقطِ لحنَ الجَنازِ،
يُعَبِّئُ بالنارِ أبناءَهُ
يتمدَّدُ في الفعلِ
شاحبةٌ في المتاريسِ ريحُ الجبالْ.

أحملُ (صنعاءَ) على كَتِفي وأصيحْ
أحملُ (عَيْبانَ) على كَتِفي وأصيحْ:
منْ يحجبُ فاتحةَ الشمسِ عنِ الأشجارْ
ويلطِّخُ وجهَ النهرِ بِرَوْثِ العارْ؟!

طفلةَ البُنِّ
إنَّ الذي كانَ وعداً مضى
والذي كانَ حُلْماً مضى..
أطلقي للدُّموعِ العنانَ
اخْرُجي منْ عيونِ النُّعاسِ
ادْخُلي في جذورِ الورودِ
اسْكُني زمنَ المدِّ
قافلةُ البحرِ والنارِ لا تنتهي.
(ذو نواسَ)
سيولدُ ثانيةً منْ عيونِ البحارِ
سيطلعُ منْ غضبةِ الموجِ
يطلعُ.. هذي علاماتُهُ في المنافي
السُّجُونِ
المشانقِ..
هذي بشائرُهُ في القصائدِ،
في الكلماتِ التي يطلقُ الطفلُ
في شجرِ الدمعِ
في رغبةِ الخَلْقِ
في لَعْلَعاتِ الرَّصاصِ،
اخْرُجي.. يسكنُ الجُرْحُ وجهَكِ
لا العارُ
يسكنُكِ الجوعُ لا الرِّقُّ..
شاخَ دمُ المخبرينَ
تناثرَ حُلْمُ الغزاةِ.
اسألوها،
فإنَّ مزارعَها البِكْرَ واعدةٌ
وشوارعَها البِكْرَ بالجمرِ
راكضةٌ.
في الصواعقِ لا تعرفُ الخوفَ
في موعدِ الرَّعْدِ لا تعرفُ المستحيلْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى