[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

السَّفَر في الجمجمة المثقوبة

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - السَّفَر في الجمجمة المثقوبة

ماذا في جمجمتي؟
كلُّ أصابعِ وَحْشِ اللَّيلِ
الممتدِّ على صدرِ الأرضِ
تشيرُ إليها..
أرصفةُ اللَّيلِ تشيرُ إليها
جدران الليل تشير إليها،
الموتى في أكفانِ الأحياءِ
يشيرونَ إليها،
القَصْرُ الدّافئُ والصَّحْراءْ،
لغةُ القحطِ وصوتُ الحقدِ
وكلُّ الأشياءِ المنقوعةِ في بئرِ الحقدِ
تشيرُ إلى جمجمتي..
هل أخفيها؟
هل أتركُها نَهْباً لأصابعِ وَحْشِ اللَّيْلْ؟
جمجمتي تؤذيني
توجعُني
تجعلُ ليليَ قَبْرا
ونهاريَ قَبْرا..
هل منْ جمجمةٍ أخرى؟
جمجمتي تؤذيني..
يا زمنَ الأحزانِ المرَّةِ
والأفكارِ المرَّةِ،
وارِ الجمجمةَ المكشوفةَ
أوْ دَعْ رملَ الأحزانِ المرَّ يُواريني!

* * *
أُخْرِجُ منْ جمجمتي سيفاً أحمرَ
صوتاً عَمَّدَهُ الدَّمُ،
سنبلةً مثقلةً بالكلماتِ / الرَّعْدِ
الكلماتِ / الوَعْدِ،
أصيحُ،
أهزُّ الكُرَةَ / الأرضَ بأحزاني
أشعلُها منْ نارِ حنيني..
مَنْ يطفئُها؟
مَنْ يطفئُني؟
لا البحرُ ولا ماءُ الشَّمْسْ
لا السُّحْبُ ولا أمطارُ الأنهارْ.

* * *
راجفةٌ لغتي
راعشةٌ أهدابُ الكلماتْ.
ما يُشْقِيني
أنَّ الكلماتِ بلا سيفٍ
والأحرفَ منْ غيرِ أظافرَ،
أنَّ الشمسَ - نهاراً - تسرقُ لونَ الشَّمْعَةِ
والشَّجَرَ الأخضرَ يسرقُ ثوبَ الأخشابْ.
أتوسَّلُ بالموتِ لكي أحيا،
أتقدَّمْ
أتراجعُ،
أسألُ عنهُ المطرَ - الرِّيحَ
أراهُ أمامي..
كانَ الموتُ رفيقي
كانَ يسيرُ معي في وطني
ويرافقُني في الغربةْ،
ويجاذبُني أطرافَ الشوقِ
وأطرافَ الخوفْ،
يفتحُ في جمجمتي ثُقْباً للرِّيحِ
ويفتحُ في صدري ثُقْباً للنارِ
ومقبرةً للأفكارِ السوداءْ.

* * *
يا وجهَ بلادي
في الحِبْرِ وفي الكلماتْ
في الدَّمِّ وفي الأصواتْ،
ألمحُ عينيكَ،
وأقرأُ صوتَ الجرحِ المفتوحْ..
الجرحُ المحتلُّ بداءِ الخوفْ
غادرَ خارطةَ الموتْ.
يا وجهَ بلادي
اخْرُجْ منْ جسدِ اللَّيلِ
ارْكُضْ
ادْخُلْ في جسدِ الرِّيْحْ
سافرْ في الجمجمةِ المثقوبةْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى