[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

أخت (ميدوزا ([1]))

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - أخت (ميدوزا ([1]))

مدخل:
ساحرةٌ؟ نعمْ
رائعةُ الخطى
جميلةُ السُّفُوحِ والهضابِ والقِمَمْ
دافئةُ النَّغَمْ
لكنّها حينَ تراكَ عيناها،
يراكَ فيهما الموتُ، ويضحكُ العَدَمْ.

الحكاية:
عيناكِ مثلُ عينيها
أتذكرينَ (ميدوزا) ؟
وقلبُها كقلبِكِ الحَجَرْ
منذُ التقينا لم أعدْ أرى
ولم أعدْ أبكي
ولم أعدْ منَ البَشَرْ.
بالأمسِ كنتُ إنساناً،
أخافُ اللَّيلَ
أعشقُ الشمسَ
أهيمُ بالمطرْ،
عينايَ كانتا بحيرتَيْ حزنٍ
غسلْتُ فيهما وجوهَ الناسِ
والشجرْ،
حتى القمرْ
هذا الذي يطلُّ واجماً منَ الفضاءْ
نقعتُهُ في دمعِ أحزاني
نسجْتُ حولَهُ سحابةً منَ البكاءْ
أقمْتُ مأتماً في الأرضِ
ثمَّ آخراً أقمتُهُ هناكَ في السَّماءْ.
واليومَ.. أختَ (ميدوزا)
أبحثُ في الأغوارِ، في القِيْعانْ
لو دمعةٌ.. لو دمعتانْ
تغسلُني
ترجعُني لآدميَّتي
تعيدُ لي كآبتي، وفرحتي..
تمسحُ عنْ جبيني الحَجَرِيِّ ظلَّ الموتِ
والصَّدا
تشعرُني بأنَّ لي يَوْما
وأنَّ لي غدا
وأنَّ أيّامي على طريقِ العمرِ لم تكنْ وَهْما
ولم تكنْ سُدَى.
فمنْ أنا الآنَ؟
تحجَّرَ الإنسانُ فيَّ والألَمْ
تجمَّدَ الصَّوْتُ
تبلَّدَ الإحساسُ والنَّغَمْ
ومنْ أكونْ؟
أقفرَتِ الوجوهُ منْ حولي
تخشَّبَتْ في وجهيَ العيونْ..
أتسمعينَ صوتَ محنتي؟
ضراعتي؟
شُدّي رموشَكِ الطوالَ
أطلقي سراحَ جُثَّتي
رُدّي عليَّ نعمةَ الحزنِ
وفرحةَ الضَّلالْ
لا تتركيني هكذا ملقىً على الرِّمالْ
كَطَلَلٍ منَ الأطلالْ
أقسمْتُ لا أركبُ زورقاً يُبحرُ في العيونْ
يرحلُ في الظنونْ،
جَرَّبْتُ مَرَّةً، وَمَرَّةً
لكنّني خسرْتُ رحلتي
رجعْتُ لا رُشْدي معي، ولا الجنونْ.

خروج:
الحبُّ أنْ نحيا وليسَ الحبُّ أنْ نموتْ
أمطارُهُ تذيعُ نفسَها للزَّهْرِ
للنَّدى
للحَجَرِ الصَّمُوتْ
لنملةٍ عاشقةٍ
لسربِ عنكبوتْ
أشجارُهُ تعيشُ في الشمسِ،
وتهجرُ البيوتْ
أنغامُهُ ترفضُ قاعةَ الرُّعْبِ
وترفضُ السُّكُوتْ.

[1])) ميدوزا في الأسطورة: فتاة رائعة الجمال غضبت عليها الآلهة فجعلتها كلما نظرت إلى إنسان حولته إلى حجر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى