[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

نقوش يمانية

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - نقوش يمانية

النقش الأوّل:
يكتبُني دمي،
يوقفُني في النَّقْشِ شاهداً للعصرِ،
شاهداً للنَّهْرِ
جَفَّ في بَدْءِ الرَّبيعِ ماؤُهُ،
للشَّمْسِ - ترفضُ الظلامَ - انطفأتْ
قبلَ مجيءِ الفَجْرِ،
للملايينِ الجياعِ..
الخارجينَ كعظامٍ منْ سوادِ القَبْرِ،
للأرضِ التي أرادَتْني كتاباً
وردةً
صَدَىً،
وَشَبَحاً على مناطقِ الفراغْ.

النقش الثاني:
كنتُ أخاً للموتِ
كانَ الموتُ لي أخاً،
كنّا نسيرُ توأماً منِ بلدٍ لبلدٍ
منْ قارةٍ لأخرى،
حملتُهُ معي للسِّجْنِ ظِلاًّ مؤنساً؛
فارتعدَتْ حجارةُ السِّجْنِ
وأجفلَ السَّجّانُ مذعورَ الخطى،
وجلَسَ التاريخُ عندَ قدمي يحكي:
مَنِ الَّذي غداً سوفَ يَجُبُّ عُنْقَ بعضِنا..
أنا
أَمِ الجَلاّدْ؟
مَنِ الَّذي غداً يدفنُهُ الصمتُ،
ويرتدي ثيابَ الغَسَقِ الطريدِ..
اسْمي أَمِ الجَلاّدْ؟!

النقش الثالث:
يكتبُني دمي
يرسمُ صورتي
واسْمي،
وصورةَ الأرضِ التي أحببْتُ
والمبادئَ التي اعتنقْتُ
والحرفَ الذي عشقْتُ
والكواكبَ التي أقمْتُ في عيونِ الماءِ
في دمِ الأشجارِ
في مساحاتِ الزَّمانِ
في شرايينِ المكانِ
في جدارِ السِّجْنِ
في ظهيرةِ الميدانْ.

النقش الرابع:
بعدَ ثوانٍ مُرَّةٍ يسقطُ عنّي جسدي
ويصعدُ الرُّوحُ الكبيرُ
منْ أوجاعِهِ،
ويكتسي جُرْحِيَ لونَ الوَرْدِ،
تكتبُ الدِّماءُ اللَّحظةَ / العَصْرَ
يسجِّلُ الزَّمانُ،
يقرأُ العالَمُ في الترابِ
ساعةَ الوداعِ،
تحفظُ الآفاقُ ما يكتبُهُ دمي
وما يقولُهُ جُرْحي:

"كم تغرَّبْتُ، في سبيلِ بلادي وتعرَّضْتُ للمنونِ مرارا
وأنا اليومَ في سبيلِ بلادي أبذلُ النفسَ، راضياً مختارا".

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى