[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

بكائيّة

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - بكائيّة

أكملَ الموتُ دورتَهُ السنويّةَ
والحزنُ ما زالَ يُرْخي عباءاتِهِ،
ويسمِّى الفصولَ بأسمائِهِ.
صاحبي..
هل سيبقَى هناكَ وحيداً
يمارسُ بهجتَهُ في سكونِ المقابرِ،
يخطفُهُ حُلُمٌ فاتنٌ للتوحُّدِ
والاشتياقِ إلى اللهِ،
أم إنّهُ - بعدَ عامينِ - يصبو إلى الأهلِ
والأصدقاءِ
إلى القهوةِ اليمنيَّةِ..
يصبو إلى الضوء
يخرجُ عذباً
ومنتشياً بغناءِ المقيلْ؟
هكذا كانَ يسألُني،
ويطاردُني شجني..
هل سيأتي معَ الأمسِ
أم هل سيأتي غداً؟!

* * *
حينَ أغمضَ عينيهِ،
وارتحلَتْ روحُهُ البِكْرُ
كانَ الجمالُ يموتُ
القصائدُ تأخذُ شكلَ البكاءِ عليهِ،
ووجهُ الظهيرةِ يأخذُ لونَ كآبتِنا،
يابسٌ ورقُ (القاتِ) بينَ أصابعِنا..
والأحاديثُ يابسةٌ.
إنّهُ حُلْمُ أيّامِنا الضائعاتِ
شظايا السَّرابِ،
هوَ اللَّيلُ يسبقُ موعدَهُ
والصداقةُ تنضو قميصَ المواعيدِ،
تفتحُ أبوابَ عُزلتِها
في انتظارِ الذي ليسَ يأتي غداً.

* * *
يا إلهي..
أأنتَ الذي اخترتَهُ
ونسجْتَ له بدلةَ الموتِ،
كانوا كثيرينَ
لكنّهُ كانَ أجملَهم،
حينَ يمشي على قلبِهِ
صوبَ أوديةِ الشِّعرِ
يختالُ فوقَ المقاعدِ
ترسمُ عيناهُ تفّاحةً
وفضاءً جليلاً منَ الضوءِ،
كانَ فتىً رائعاً
مَنْ رآهُ يصيدُ الظِّلالَ بفُرْشاتِهِ
باحثاً عنْ ندىً في الظلامِ
وعنْ عشبةٍ في الكلامِ
وعنْ بُقَعٍ لا يغادرُها الضوءُ
والاخضرارْ.

* * *
آهِ يا صاحبي
إنَّ أجملَ أيّامِنا هيَ تلكَ التي احترقتْ
في الطريقِ إلى الحُلْمِ،
أجملَ أشعارِنا
ما نثرناهُ منْ أرَقٍ
و (قصائدَ مبتلَّةٍ) بدمِ الخوفِ،
أجملَ أولادِنا - كبروا -
أصبحوا مثلَ آبائِنا،
اشتعلَتْ في الوجوهِ السَّوالفُ..
ماذا نُرَجّي؟
وما نشتهي؟
ربما اشتعلَتْ منْ رمادِ انطفاءاتِنا
وردةٌ للزمانِ البهيّ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى