[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

رَغَبات قديمة

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - رَغَبات قديمة

أيقظَتْ - في دماءِ الصبيِّ الذي كنتُهُ
منذُ خمسينَ عاماً -
رياحَ الهوى
أشعلتْ في مآقيهِ
في صدرِهِ جمرةً تتصاعدُ شيئاً
فشيئاً
وعَبْرَ شُروخِ النَّوافذِ،
في لحَظات المساءِ القليلةِ
وَهْيَ تعالجُ شُبّاكَها لتنامَ
تطايرَ قلبي شظايا،
تسلَّلَ مستتراً عبرَ تلكَ الشُّروخِ،
وفي غَسَقٍ يشبهُ الغيمَ
غنّتْ لهُ
وبكتْ
رقصتْ برداءِ الرَّبيعِ،
وأعطتْ معانِيَ شتّى لبدءِ الشبابِ
ودَفْقِ سخونتِهِ
واستوى حُلُمٌ لا يُعادْ.

* * *
تسلَّلَ أكثرَ منْ ليلةٍ عبرَ تلكَ الشُّروخِ
وفاجأَها
وَهْيَ تغزلُ منْ لهبِ الشَّمسِ
أغنيةً للفراغِ
وللشوقِ..
كم وقَفا للعناقِ
وكم ثَمِلا بحديثِ الخيالِ،
على البُعدِ تلثمُهُ
تتمنَّعُ وَهْيَ تقبِّلُ عينيهِ بالنظراتِ
وبالكلماتْ،
تتلمَّسُ راحتَهُ عبرَ موجِ الأثيرْ..
هيَ مغمورةٌ بالوعودِ
وَهْوَ مستوحشٌ بالسُّهادْ.

* * *
ويَمُرُّ الزمانُ
تدورُ شبابيكُهُ المقفلاتُ
وَتَكْبُرُ أجسادُنا
تتلاشَى المواعيدُ
والنظراتُ الجريحةُ،
لا أحدٌ يتذكّرُ
لا أحدٌ يلتقي..
في الفضاءِ المعبَّإِ بالحسراتِ
يموتُ النَّدى يتكسَّرُ
تبدو الحياةُ أقلَّ جمالاً
وتنسى اللَّيالي أحاديثَها
وتغادرُها الذّكرياتُ،
وتسقطُ في حُلُمٍ لا يُعادْ.

* * *
بعدَ خمسينَ عاماً
تلاقتْ عيونُ الشبابيكِ
وانسكبَتْ في جدارِ طفولتِهِ
ذكرياتُ الهوى المتقدِّمِ..
كانتْ هناكَ تُداري شحوبَ أناملِها..
آهِ ماذا جرى؟
وَهَنَ العظمُ
واشتعلَتْ في الشبابيكِ نارُ السِّنينَ
ولم يبقَ في الجسدِ البَضِّ
غيرُ أنينِ العروقِ
وغيرُ بقايا ظلالٍ رماديّةٍ
تتوكَّأُ جمرَ التَّجاعيدِ..
يا ربُّ،
كلُّ هوىً لا تكونُ بِهِ
لا تباركُ أسماءَهُ
هوَ يا سيّدي جسدٌ.. ورمادْ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى