[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

القصيدة الخامسة والأربعون

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - القصيدة الخامسة والأربعون

ذاتَ يومٍ
تسلَّقْتُ ياقوتةَ الصَّبْرِ
وارتفعَتْ بي شجوني إلى سفحِ
(غَيْمانَ)،
شاهدتُ (صنعاءَ)
تدفنُ أحزانَها،
وتصلّي على جثثٍ لا قبورَ لها،
ورأيتُ المآذنَ تبكي
وشاهدتُ لونَ القبابِ وقد صارَ أسودَ،
والشُّرفاتِ الجريحةَ
تخلعُ زقزقةَ الوردِ.
جفَّ مِدادُ الكلامِ
وأطلقْتُ للذِّكرياتِ
عنانَ الدُّموعِ
ولكنّها بعدَ أنْ دفنتْ حزنَها
في خفاءِ الجبالِ
استعادتْ محاسنَها
وابتسامتَها،
ثمَّ عادتْ إلى عطرِها
ومناسكِها..
يا فتاةَ الزمانِ الجديدِ
وأمَّ الزمانِ القديمِ
سلامٌ عليكِ
على زهرةِ الرُّوحِ
توصدُ أكْمامَها
لصباحٍ منَ الحُلْمِ والدَّمِ،
تفتحُ أكمامَها لصباحٍ
منَ الحُلْمِ
والرِّحلةِ الصّاعدةْ.

* * *
(منْ هنا،
منْ بابِ شَعُوبَ
دخلَ حصانُ طروادةَ في عامِ 1948م.
كانتِ المدينةُ المسكونةُ بالخوفِ
والفقرِ والجمالِ
قد رأتْ في المنامِ أنها تعانقُ البحرَ،
وأنَّ الضوءَ لم يعدْ ينتحرُ
على النوافذِ،
وأنَّ الشوارعَ بدأتْ تدندنُ بأغانٍ
غيرِ مألوفةٍ..
لكنَّ العتمةَ أفشتْ أسرارَ المنامِ
إلى اللَّيلِ،
واللَّيلُ تحدَّثَ بها إلى الأسوارِ،
الأسوارُ تحدَّثَتْ بها إلى الضَّواحي،
والضَّواحي بلَّغَتِ النملَ الأسودَ؛
فهجمَتِ الحشراتُ،
واحترقتْ أعشاشُ الطيورِ الملوَّنَةِ،
وعاشتِ المدينةُ عشرةَ أعوامٍ بلا نومٍ
رغمَ أنها تستخدمُ الحبوبَ المنوِّمَةَ،
ولا تقرأُ الجرائدْ).

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى