[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

ما تيسَّر من سورة النَّصر... إلى الحبيبة الغالية.. سيناء

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - ما تيسَّر من سورة النَّصر... إلى الحبيبة الغالية.. سيناء

- 1 -
وأخيراً رجعْتِ لنا
والخرائطُ ما استكملَتْ - بعدُ -
تزييفَها،
والمشاريعُ تُدرسُ
في مكتبِ الهمجِيِّ الدَّخيلْ.
يقطعونَكِ منْ ها هنا
يذبحونَكِ منْ ها هنا،
يفقأونَ على الوجهِ عيناً
يشدُّونَ خاصرةً وذراعاً،
ويحلمُ سيّدُهم أنْ يقيمَ مواخيرَهُ
فوقَ صدرِ الترابِ الجميلْ..
وَيْحَهم..
كيفَ لم يعرفوا أنتِ مَنْ؟
كيفَ لم يقرأوا في جبينِكِ
خارطةَ المستحيلْ؟
كنتِ - ساخرةً -
ترقبينَ خناجرَهم
تهزأينَ بأسواطِهم عبرَ ليلِ العذابِ
الطويلْ.
كنتُ أقرأُ صمتَكِ
ألمحُ في الرملِ يومَ المعادِ
ويلمحُهُ جيلُنا..
بل ويلمحُهُ معنا كلُّ جيلْ.
كنتُ أعرفُ أنكِ عائدةٌ،
أنّنا سنغنّي
سنغسلُ أشعارَنا منْ رمادِ العويلْ،
كنتُ أسمعُ زحفاً
وأشهدُ في ضِفّةِ الشمسِ
وَهْجَ الصهيلْ،
كانَ أبناؤُكِ الأنقياءُ
يموتونَ شوقاً على الجِسْرِ،
ينتظرونَ الرَّحيلْ.

- 2 -
وأخيراً رجعْتِ لنا مثلَما كنتِ
عذراءَ فاتنةً كالنهارِ الجديدْ
حينَ حاولَ (شيلوكُ)
حَزَّ وريدِكِ لم يستطعْ،
كانَ حُبُّكِ،
أشواقُنا تتحدَّى،
وتحتزُّ منهُ الوريدْ
يتساقطُ خنجرُهُ،
يَنْزِفُ الحقدَ في الرِّملِ منكفئاً
عارياً أجوفاً،
تتقاذفُهُ الرِّيحُ تحتَ الظلامِ العنيدْ.
ما الذي جدَّ في الأمرِ؟
كيفَ اختفى عرشُ (شيلوكَ) ؟
كيفَ انطوى عَلَمُ الوَهْمِ..
حُلْمُ الطريدْ؟
الأسيرةُ مطلقةٌ
حُرَّةُ الكَفِّ،
والآسرونَ العبيدْ..
هكذا كانَ يهمسُ للشّاطئِ النِّيلُ،
و (الهرمُ الأكبرُ) :
الفَجْرُ لنْ يتأخَّرَ
سوفَ يعودُ المسافرُ
(سيناءُ) سوفَ تعودُ لنا
سوفَ نحضنُها منْ جديدْ.

- 3 -
يا ابنةَ (الطُّورِ)..
منذُ متى عرفَتْ شمسُكِ الانحناءْ؟
كلُّ ذَرَّةِ رملٍ على أرضِكِ البِكْرِ
كالطُّورِ شامخةٌ ترفضُ الانحناءْ.
زعموا أنها استسلَمَتْ
خضعَتْ،
ثمَّ لم تشتعلْ
- حينَ نامَ الدَّخيلُ على صدرِها – كبرياءْ،
ها هيَ انتفضَتْ
أشعلَتْ نارَها،
أكلَتْ خِصْبَها،
وارتوى رملُها منْ بحارِ الدِّماءْ،
فتحَتْ بابَها ثمَّ عادتْ لتوصدَهُ،
ثمَّ تحفرُ قبراً لتدفنَ في جوفِهِ الدُّخَلاءْ
لم أعدْ أرهبُ الموتَ،
منذُ رأيتُكِ تغتسلينَ منَ العارِ
فليأْتِ
يذهبُ،
آمالُنا تتحقَّقُ..
ماذا تبقَّى منَ العمرِ؟
إني شهدتُكِ عائدةً،
واحتضنْتِ، احتضنْتِ الجلاءْ.

القاهرة 9 أكتوبر 1973م

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى