[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

اللوحة السادسة والأربعون

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - اللوحة السادسة والأربعون

هيَ جَدَّتُهم
يذهبونَ إليها ليقتبسوا نارَ حكمتِها
كي تحدِّثَهم عنْ تواريخِ أمَّتِهم
وتقولَ لهم ما الذي يزرعونَ
وماذا تقولُ طوالعُهم،
وإليها يفرُّ الصغارُ إذا أذنبوا
فتداعبُهم،
وتطامنُ منْ قسوةِ الأمّهاتِ
ومنْ جوعِهم..
حينَ غابتْ بكتْ عتباتُ البيوتِ
وكادتْ حجارتُها تتهاوَى
فمَنْ بعدَها لليتامى؟
ومَنْ بعدَها للأيامى؟
أراها أمامي
على رأسِها تاجُ شيخوخةٍ
يتلألأُ
ناصعةٌ فِضّةُ اللهِ فيهِ
أرى يَدَها كالحديقةِ مثمرةً
لا تردُّ يدَ السائلينْ.

* * *
(ليستِ الأشجارُ وحدَها
هيَ التي تظلِّلُ الإنسانَ
وتحنو عليهِ بلا مقابلٍ،
هناكَ نماذجُ منَ البَشَرِ
لها منَ الظلالِ ما لحديقةٍ بأكملِها.
كلُّ قريةٍ تصطفي منْ بينِ الأمّهاتِ
أشجاراً وحدائقَ
يلوذُ بها الصغيرُ إذا أذنبَ
ويسندُ الكبيرُ عليها قامتَهُ المنكسرةَ.
وقليلاتٌ هنَّ النسوةُ اللاّئي
يحملنَ ظلالَهُنَّ كلَّما أوغلنَ
في صحراءِ العمرِ،
وأقلُّ منَ القليلِ منْ تبقَى ظلالُها
حاضرةً بعدَ الغيابِ
تلمعُ في الشدائدِ كالبرقِ
وتمارسُ نفوذَها كالذَّهَبْ).

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى