[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

اللوحة السابعة والخمسون

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - اللوحة السابعة والخمسون

كانَ حلاّقُ قريتِنا
رجلاً بارعاً في افتعالِ المسرّاتِ
في خَلْقِ بهجتِها،
بعدَ يومٍ منَ الجهدِ والتعبِ الآدميِّ،
يرى القرويُّونَ في شفتيهِ
شراعاً منَ الكلماتِ اللَّذيذةِ
تطربُهم.
وجهُهُ يتنفَّسُ ضِحْكاً
وكوميدِيا،
ثغرُهُ يستطيلُ غناءً
وكانَ له طفلةٌ
لا شريكَ لها في الجمالِ،
نراها فتخضرُّ أوردةُ القلبِ
تزهرُ في الأعينِ الصَّبَواتُ
ويحبو الهوى..
كانَ ذلكَ أوَّلَ عهدٍ معَ الحبِّ
أوَّلَ وَشْمٍ على ورقِ القلبِ..
أينَ اختفى؟
بعدَ خمسينَ عاماً أُفَتِّشُ عنهُ
أشمُّ يديهِ
وألمسُ أوراقَهُ
وأعانقُ أحلامَهُ الباذخةْ.

* * *
(هوَ المزَيِّنُ والجرّاحُ
وهوَ طبيبُ الأسنانِ
له منْ حريّةِ الانفتاحِ
ما يجعلُهُ يتميَّزُ عنْ بقيّةِ الأشخاصِ في القريةِ،
هؤلاءِ الذينَ ينتمونَ إلى أصولٍ رفيعةٍ
تسجنُهم في قوالبِ الحكمةِ والرَّصانةِ،
أمّا هوَ فيمتلكُ روحَ المبدعِ،
يدخلُ المدينةَ
يتنقَّلُ بينَ القرى
يختارُ أجملَ النساءِ منْ طبقتِهِ شبهِ المنبوذةِ.
في الأعيادِ يرتدي جِلْدَ العَنْزَةِ
ويبدأُ في التمثيلِ..
تتضمَّنُ كلماتُهُ أحياناً
صرخةً إنسانيةً عميقةْ).

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى