[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

اللوحة الثانية والستون

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - اللوحة الثانية والستون

كانَ أوَّلَ لوحِ زجاجٍ
رأتْهُ نوافذُ قريتِنا
لم يكنْ أهلُنا يعرفونَ الزُّجاجَ
منازلُهم كالقلوبِ النقيّةِ
شفّافةٌ
ونوافذُهم كنجومِ السّماواتِ مفتوحةٌ
لتضيءَ،
ومنْ خلفِ لوحِ الزُّجاجِ
رأى القرويُّونَ أطيافَ غُرْبَتِهم
ورأوا مدناً
وبحاراً
رأوا سفناً،
هجروا حُبَّهم ومعاولَهم
واستجابوا نداءَ شراعِ الدموعِ
وصوتَ (الكِرِسْتالِ)
والصُّوَرَ الطّائشاتْ.

* * *
(ليسَ بريئاً ولا صافياً
هذا الترابُ الشَّفّافُ
يُتْخِمُ النّافذةَ بفيضٍ منْ أشعَّةِ الشمسِ
لكنّهُ يحجبُ همسَ الهواءِ.
منْ وراءِ صفحتِهِ البيضاءِ
نرى الفلاّحينَ وهم يحرثونَ الأرضَ
لكنّنا لا نسمعُ أغانِيَهم ولا صوتَ المحراثِ
نرى العصافيرَ ولا نستأنسُ بحكاياتِها،
وحينَ ينكسرُ بلمسةٍ طائشةٍ
تنكسرُ معَهُ الألوانُ
وتهربُ الكائناتُ الجميلةُ منْ شظاياهُ.
ليسَ بريئاً،
وحضارتُهُ الصّامتةُ سريعةُ التهشُّمِ
لكنّها أرحمُ منْ حضارةِ البلاستيكِ
ومستحضراتِ اللَّدائنِ العمياءْ).

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى