[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

اللوحة الثامنة والستون

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - اللوحة الثامنة والستون

حينَ عادَ إليها مريضاً
بأفكارِهِ
وقراءاتِهِ
وكتاباتِهِ،
يا لَوَهْمِ السَّنينَ
(تصوَّرَ) أنْ سوفَ تحملُهُ بينَ أحضانِها
وتقبِّلُهُ بينَ عينيهِ،
لكنّها نفرَتْ منهُ
لم تتعرَّفْ على جرحِهِ،
كانَ يمسكُ أحجارَها ويقبِّلُها
وَهْيَ تَزْوَرُّ عنهُ..
بكى خجلاً،
أنكرتْهُ الشوارعُ والطرقاتُ
وأنكرَهُ بيتُهُ
مسحَ الزمنُ المتغيِّرُ آثارَ أقدامِهِ
وصدى صوتِهِ
وشظايا الحنينْ.

* * *
(لا بدَّ أنْ يعودَ إليها.. إلى قريتِهِ
ولو قبلَ يومٍ واحدٍ منَ الوفاةِ.
هكذا كانَ يحدِّثُ نفسَهُ، لكنَّها قالتْ له:
هل تظنُّ أنَّ ترابَها سيقبِّلُ جثمانَكَ
بعدَ الغيابِ الطويلِ؟‍
أعادَ النظرَ في تقديرِهِ وقرَّرَ أنْ يذهبَ إليها فوراً
وأنْ يبدأَ في تعليمِ صغارِها القراءةَ والكتابةَ
أنْ يذهبَ بهم إلى الحقولِ
ويقرأَ معهم ما يكتبُهُ النَّباتُ
وما تخبِّئُهُ الأرضُ منْ معرفةٍ،
أنْ يشاركَ الرُّعاةَ في رحلاتِهم اليوميّةِ
أنْ يتعلَّمَ العزفَ على الشَّبّابةِ.
لكنّهُ فوجئَ بأنَّ القريةَ
تستمعُ إلى فيروزَ وعبدِ الوهّابِ،
وأنها صارتْ في غنىً عنْ ثقافتِهْ).

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى