[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

عندما نبكي الأرض بعيون القمر

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - عندما نبكي الأرض بعيون القمر

1- صوت من القمر:
"الصورُ التي التقطَتْها العربتانِ أبولُّو 8 وأبولُّو 10 عنِ المكانِ الذي ستهبطانِ فيهِ كانتْ واضحةًَ جداً. وما شاهدناهُ يشبهُ هذه الصُّوَرَ شبهاً كبيراً. لكنَّ هناكَ فارقاً بينَ الصورةِ والأصلِ، كالفارقِ بينَ مشاهدةِ مباراةٍ حقيقيّةٍ لكرةِ القدمِ في ملعبٍ رياضيٍّ، ومشاهدةِ المباراةِ على شاشةِ التلفزيونْ".
(نيل آرمسترونج)
- صوت من الأرض:
جِلْدي أسْوَدُ،
في لونِ حياتي هذا الجِلْدُ، وأيّامي طافيةٌ غارقةٌ، أنبشُ في ذاكرتي. أتقيّأُ تاريخي. آلهةُ البيضِ عصورٌ حاقدةٌ ألقتْ جسدي في أفرانِ اللَّيلِ الشِّتْوي. تنقعُني في آبارِ القارِ، على مائدةِ الفرحِ الأبيضِ، تسلخُني، تشربُني، تأكلُني نَيّاً.
جِلْدي أسْوَدُ، في لونِ ضميرِ القُرْصانِ الأبيضِ.. أعماقي، قلبي في لونِ القمرِ المشدودِ إلى البيتِ الأبيضِ في كبسولاتٍ فارغةٍ منْ شركاتِ التصديرْ.
منْ يدعوني؟ لا.. لا، أخجلُ أنْ أذهبَ، يخجلُ تاريخي، لوني، كلُّ ترابِ الأرضِ النّازفةِ الجرحَ، بلادي، أطفالي.
لا أنكرُ أني مفتونٌ بالقوَّةْ..
القوَّةُ معبودي والعضلاتُ - السيفُ، أأغمدُهُ في عينَيْ طفلٍ؟ في لحمِ امرأةٍ عجفاءَ؟ الحلباتُ تناديني، تدعو خصمي.. أصرعُهُ يصرعُني، نسقطُ، ننهضُ منْ كبوتِنا تحتَ عيونِ الجمهورِ، ويوقظُنا التصفيقُ معاً، ملعونٌ منْ يقتلُ طفلاً وامرأةً، منْ يزني بالأرضِ، يشوِّهُ وجهَ القمرِ الحُلْمِ، يطيرُ إليهِ بأجنحةٍ منْ دمْ؟
توقيع
محمد علي كلاي

2- صوت من القمر:
"هبطَ النسرُ.. خطوةٌ صغيرةٌ للإنسانِ، لكنّها قفزةٌ عملاقةٌ للإنسانيّةْ".
(نيل آرمسترونج))

صوت من الأرض:
في بندقيَّتي أنامْ
أحشرُ هذا الجسدَ المشرَّدَ الطريدَ، في (الكلاشنكوفْ) ، أحلمُ أنني رجعْتُ، أنَّ بيتي عادَ.. إخوتي، يافا، شوارعَ القدسِ. وأنَّ أمّي لم تعدْ وحيدةً، صارتْ تغنّي، وَهْيَ في الفَجْرِ تُعِدُّ لي، لهم موائدَ الإفطارْ.

منذُ فقدْتُ وطني،
منذُ سطا على ترابِهِ النَّمْلُ الغريبْ
روحي تنامُ في جبالِهِ،
تقتاتُ منْ أعشابِهِ
وجسدي ينامُ في مخافرِ التعذيبْ..
والكونُ صارَ وجهَ أعدائي،
وميدانَ حروبيَ المقدَّسَةْ
جلجلةً ومحرقةْ
زنزانةً ومشنقةْ
حتى وجدتُها، وجدتُ بندقيَّتي
فكانتِ البيتَ،
وكانتِ السريرَ، الحُلْمَ
كانتِ الطريقَ للوطنْ..
القمرُ الذي أحببتُهُ،
القمرُ الذي أهوى الصعودَ نحوَهُ
هوَ الوطنْ
يظهرُ ثمَّ يختفي
خلفَ جبالِ النارِ في ليالي الصيفِ
والشتاءْ.
ما عدتُ أرمقُ السَّماءَ كي أحصي نجومَها،
أطالعَ القمرْ
وقمري مذبوحْ
تثقلُهُ الأحزانُ والجروحْ
يا أيها المسافرونَ للقمرْ
رحلتُكم كانتْ بعيدةً
ومستحيلةَ الرَّحيلْ،
ورحلتي تبدو لكم بعيدةً
ومستحيلةْ..
لكنّها عبرَ بنادقِ الرِّجالْ
تدنو،
وفي أشواقِنا
في حبِّنا
ينهارُ كلُّ مستحيلْ.
توقيع
مناضل فلسطيني

3- صوت من القمر:
"ترابُ القمرِ ناعمٌ جدّاً، ألمسُ السطحَ بأصبعِ قدمي. إنّهُ ثابتٌ وترابُهُ ناعمٌ. لا أرى آثاراً لقدمَيَّ. سطحُ القمرِ كغبارِ الفَحْمِ. ليستْ هناكَ صعوبةٌ في السيرِ على سطحِ القمرِ. المكانُ جميلٌ جميلٌ.. خرابٌ رائعْ".
(نيل آرمسترونج)

صوت من الأرض:
صارَ ينبتُ كالعشبِ في القلبِ،
يفترشُ العينَ طوعاً وكرهاً، على حافةِ النهرِ فوقَ سريري، على شفةٍ كنتُ أعبدُها. وسطَ عينينِ كانا شراعي، على قمرٍ كانَ حُبّي. على صدرِهِ وجهُ روحي وعمري معلَّقْ.
حينَ بالأمسِ كانَ يداهمُني ظلُّ هذا الرَّفيقِ القبيحِ، الذي يتلوَّى على العينِ ثعبانُهُ، يتراقصُ في جفنِها بطلاً غجريّاً ثقيلَ الملامحِ والظِّلِّ، كنتُ أفرُّ بعيني إليهِ، إلى القمرِ الضّاحكِ الوجهِ، تحملُني خيلُ شِعْري على خصلاتٍ منَ الضوءِ - ضوءِ حبيبي - بعيداً عنِ المومياتِ القديمةِْ.
ما الذي جدَّ في أمرِنا؟ - قمري وأنا - أنا يغتالُني الحزنُ في مطلعِ الشمسِ. تمضغُ وجهي عيونُ التعاسةِ والجدبِ، تعشقُ موتي، تصادرُني. وَهْوَ في قبضةِ اللَّيلِ يحتلُّهُ (المدنيُّونَ) ، تنبشُ أقدامُهم وجهَهُ الضّاحكَ القرويَّ الطفوليَّ.. أصبحَ مثلي حزيناً، ومثلَ رفاقي يقدَّمُ للاغتيالْ.
توقيع
شاعر

4- صوت من القمر:
"اللَّونُ يختلفُ وفقاً للزّاويةِ التي ننظرُ منها.. لا لونَ، تقريباً رماديٌّ، أبيضُ كثيراً، رماديٌّ طباشيريٌّ حينَما ننظرُ باتجاهِ الشمسِ. رماديٌّ أكثرُ سواداً. رماديٌّ كالرَّمادِ حينَ ننظرُ منْ مكانٍ بتسعينَ درجةٍ عنِ الشمسِ. الفُوَّهاتُ منتشرةٌ في كلِّ مكانٍ تقريباً، والمكانُ الذي هبطَتْ عليهِ المركبةُ مسطَّحٌ نسبيّاً، لكنْ يمكنُ مشاهدةُ عددٍ كبيرٍ منَ الفُوَّهاتِ منْ جميعِ الأحجامِ في جميعِ الاتجاهاتِ. إنَّ عددَ الفُوَّهاتِ كبيرٌ إلى درجةِ أننا لا نستطيعُ أنْ نحصيهْ".
(نيل آرمسترونج)

صوت من الأرض:
كانتْ مدرسةً هذي الفُوَّهَةُ..
الأبناءُ، الأشجارُ تنامُ هنا، الأعشاشُ، الكوخُ، اللَّوحةُ، حقلُ الأَرْزِ.. دخانٌ يتصاعدُ، لا شيءَ على وجهِ الأرضِ، جبالٌ كانتْ تتحدَّى تصمدُ في وجهِ الرِّيحِ، تقاومُ، تسهرُ، تصطادُ لصوصَ الغابةِ.
نهرُ الميكونجِ يسيلُ دماً،
ينسدُّ المجرى النّازفُ في وجهِ الرِّيْحْ.
وحدي في وجهِ الطوفانِ، ولنْ أركعَ، لنْ تركعَ هذي الأرضُ الباكيةُ الشّاحبةُ اللَّونِ. دمٌ يتساقطُ، تولدُ أجيالٌ أخرى في فُوَّهةِ الموتِ، بنادقُهم تكتبُ أحلامَ النصرِ، تعيدُ كتابةَ تاريخِ الإنسانْ.
ما زالَ بريقٌ منْ وجهِ القمرِ المحتلِّ يمدُّ أصابعَهُ عبرَ الأسلاكِ، يضيءُ طريقي في ليلِ المأساةِ، يصارعُ مثلي طوفانَ اللَّيلِ الأحمقْ.. ويضيءُ طريقَ رفاقِ السِّجْنْ.
الأرضُ غداً ستعودُ، الجرحُ يطيبُ، الفاتنةُ السَّمْراءُ غداً تخلعُ ثوبَ الميدانِ، تعودُ إلى القريةِ رفقةَ والدِ طفلِ المستقبلْ.

توقيع
مناضل فيتنامي

5- صوت من القمر:
"الذينَ كانوا يقولونَ: إننا لنْ نتمكَّنَ منْ تحديدِ مكانِنا تحديداً دقيقاً، كانوا على حقّ".
(نيل آرمسترونج)

- صوت من الأرض:
أينَ أدفنُ وجهي ووجهَ بلادي منَ العارِ؟
يأكلُني، يرتديني، يطاردُني عبرَ منفايَ.. ماذا أقولُ لطفلي إذا عدتُ؟ إني قتلتُ جموعاً منَ الأبرياءْ.. أيُّ وحشٍ أنا؟ القرى تتهاوى، جموعٌ منَ البائسينَ الضَّحايا يموتونَ منْ قصفِنا، كلُّ شيءٍ إذا ما طلعْنا يموتُ سوى ذلكَ الشيءِ.. إنسانِهم. أيُّ رعبٍ يزلزلُني؟ لم يزلْ واقفاً صامداً، تنبتُ الأرضُ منْ حولِ أكتافِهِ أذرعاً، شجراً منْ حديدْ.
تتهاوى الجبالُ..
تُذَرَّى
ويصمدُ في الأرضِ - كالأرضِ -
يا لَلْجسورِ العنيدْ.
نحنُ نسقطُ، نسقطُ،
نهوي،
تحاصرُنا لعنةُ العارِ
تجلدُنا:
- قاتلٌ
- سافلٌ
- أنتَ نذلٌ
- جبانٌ حقيرْ.
- كنتُ أعرفُ أني كذلكَ.. نذلٌ ووغدٌ، ولكنَّهم قادتي في (الولايات... ) أكثرُ جُبْناً، يفوقونني في النذالةِ..
آهٍ، لقد قتلوني.. لقد قتلوا بي فِيَتْنامَ،
إنسانَها.. والشَّجَرْ،
مثلَما قتلوا ذلكَ الطائرَ اللَّبَنِيَّ الحبيبَ / القَمَرْ.
توقيع
طيار أمريكي

69 - 1972م

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى