[esi views ttl="1"]
arpo28

مؤتمر الرياض.. أجندة متباينة بين اليمن وأصدقائه تهدد انعقاده في موعده

تهدد الأجندة المتباينة بين اليمن وأصدقائه مؤتمر "أصدقاء اليمن" المقرر انعقاده في العاصمة السعودية الرياض خلال شهر فبراير المقبل. وخلال اليومين الماضيين، تضاربت المعلومات الرسمية بين المصدر الحكومي والمصدر المسؤول حول امكانية تأجيله إلى أجل غير مسمى لذات الاسباب.

وأكد مسؤول حكومي بأن عدم انجاز الحكومة للالتزامات التي قطعتها في مؤتمر نيويورك قد تدفع نحو تأجيل المؤتمر إلى يونيو القادم، قائلا انه " إذا لم تكن هناك نية للمانحين لتقديم التزامات مالية جديدة فإن المؤتمر قد يرحل إلى اجل غير مسمى".

لكن مصدر مسؤول نفى صحة ما اعتبرها المزاعم التي تحدثت عن التأجيل. وقال المصدر في تصريح لوكالة سبأ الرسمية أن التحضيرات لعقد المؤتمر استكملت وسيعقد في موعده المحدد يومي 1 و2 مارس القادم وهو الموعد المتفق عليه مع مجموعة أصدقاء اليمن والذي يأتي عقب الاجتماع الذي سيعقده وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي في بروكسل أواخر فبراير 2011م.

وبرزت الأجندة المتباينة بين الحكومة اليمنية ومجتمع المانحين منذ مؤتمر لندن الذي انعقد في بداية هذا العام وتفرعت عنه مجموعتي عمل "أصدقاء اليمن"، حيث تسمرت تصريحات المسؤولين الحكوميين في صنعاء عند حاجز الدعم المالي الذي تحتاجه البلاد لمواجهة التحديات، في الوقت الذي طرح فيه المانحون مجموعة شروط والتزامات على الحكومة اليمنية تعدت هاجس الخوف الأمني الذي دفعهم للحشد الدولي.

ومن المعروف بأن اجتماع الرياض يأتي تنفيذا لتوصيات الاجتماع الوزاري للمجموعة الذي عقد في نيويورك نهاية أكتوبر الماضي ولاستعراض ما أنجزته الحكومة اليمنية من توصيات الاجتماعات السابقة. لكن افتراق الاولويات وتضارب الرغبات بين اليمن وأصدقائه، بدا واضحا في العديد من المحطات والاجتماعات.

وفي الاسبوع الماضي، استبق الدكتور أبو بكر القربي اجتماع الرياض المقبل بتصريحات عبر فيها عن أمله بأن يكون الاجتماع "علامة فارقة في التعاون التنموي"، وطالب أصدقاء اليمن بأن ينتقلوا بالتعاون القائم من مرحلة التعبير عن النوايا إلى مرحلة الفعل.

وقال "نريد أن نستفيد من تجربة القصور التي شابت تنفيذ التزامات المانحين في اجتماعات لندن 2006 وكيفية تجاوزها وأن نقدم إلى اجتماع الرياض مجموعة من الوثائق التي نعتقد أنها ستكون محورا لتحديد الالتزامات في جوانب الإقتصاد والأمن والسياسة".
وأشارت المصادر إلى ان الاجتماع سيبحث الخطوات التي اتخذتها صنعاء على صعيد تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي واستعراض الجهود اليمنية تجاه تحقيق الإصلاحات والحوار الوطني الشامل وإطلاق الخطة التنموية لليمن للسنوات 2011-2015.

وفيما شدد مصدر سعودي على أهمية وحدة اليمن، قائلا "اليمن أدرى بشؤونه وهمومه"، وقال "إن دورنا محصور في تقديم الدعم والمشورة". كان اجتماع نيويورك قد خرج بالعديد من التوصيات والالتزامات المتبادلة، وقد شهدت التصريحات على هامشه، تباينات حادة بين الطرفين.

وبينما أكد الدكتور أبو بكر القربي بأن مشكلة الفساد في اليمن لم تعد موجودة. إلا أن الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، اليستر بيرت، قال ان الاجتماع بحث موضوع الفساد في اليمن بشكل موسع.

وأرجع "الآن دانكال" وزير التنمية الدولية البريطاني الدافع الرئيسي وراء تقديم المساعدات لليمن إلى حماية استقرار الدولة بشكل عام. وقال ان ثمة مخاطر كبيرة على البلاد والمنطقة والعالم بشكل عام اذا ما انهارت الدولة.

ووصف وزير الخارجية الكويتي، الشيخ محمد الصباح، اجتماع نيويورك بأنه ليس لنصرة الحكومة اليمنية وانما هو لنصرة الشعب اليمني، مضيفا "أما الخلاف الداخلي في اليمن فإنه يحل بين الأشقاء في اليمن". كما اعتبر اجتماع نيويورك تحضيريا للاجتماع التالي الذي سيعقد في الرياض والذي اعتبره الاجتماع المهم لأنه سيكون ترجمة لما تم اتخاذه من قرارات في لندن لمؤتمر المانحين، وأضاف "سيكون في اجتماع الرياض رصد حقيقي ومساءلة حقيقية ومجادلة حقيقية في أين يكمن الخلل، لذلك نحن في اجتماع لندن أعلنا، وفي اجتماع الرياض سنحاسب".

وانتهى اجتماع نيويورك ببيان ختامي وضع العديد من النقاط والمؤشرات العامة لمرحلة العمل القادمة. غير انه قال بأن مؤتمر الرياض القادم "سيعتمد الخطوات الواضحة في مجالات الإصلاح الرئيسية وتحديد الدعم اللازم للتنمية في اليمن".

وأثنى الاجتماع على التقدم الكبير الذي تحقق منذ مؤتمر لندن في عدد من المجالات الهامة منها: اتفاق الحكومة وصندوق النقد الدولي على برنامج لضبط العجز في الموازنة العامة، والتطبيق المبكر لخطوات تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي، بما في ذلك التخفيض التدريجي في مستوى الدعم الحكومي للوقود.

وكذلك إطلاق الحوار الوطني الشامل والإعلان في فبراير 2010 عن وقف إطلاق النار في صعدة. كما تم الاتفاق على عدة نقاط من بينها اعتبار أصدقاء اليمن "الحوار الوطني شأن يمني يحظى بدعمهم وتشجيعهم".

لكنهم اعتبروه الأساس الأفضل لبناء الأمن والاستقرار المستدامين. مشيرين إلى "أهمية سير الحوار قدما وعلى وجه السرعة لإجراء مناقشات جادة بين الأطراف السياسية الرئيسية والأطراف الأخرى حول القضايا التي تعتبر مصدرا للصراع والخلاف في البلاد".

موضحين أن " الحوار الوطني هو المجال الأكثر فعالية للمضي قدما بالإجراءات العاجلة واللازمة لتأمين انتخابات حرة ونزيهة متعددة الأحزاب في عام 2011".

وخرج اجتماع نيويورك باتفاق على "وضع خطة تنموية يمنية للأعوام 2011-2015 مركزة ومحددة الأولويات، ومنسجمة مع أجندة الإصلاح الوطني وخطط الحكومة الشاملة وطويلة الأجل للموازنة، بما يشكل آلية أساسية لتوجيه مساهمات الجهات المانحة وتمكين الانجاز الفعال للدعم المالي المقدم لليمن خلال السنوات الخمس القادمة". وأيد المشاركون بقوة التزام الحكومة اليمنية بجعل خلق فرص العمل محور الاهتمام المقبل للخطة الخمسية للتنمية.

كما التزام "أصدقاء اليمن" بتقديم الدعم الإضافي للحماية الاجتماعية لتجنب الآثار السلبية على الفقراء جراء الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، ولمواصلة استكشاف آليات جديدة لتقديم الدعم على المدى الطويل بغية دعم خطة اليمن للتنمية بما فيها فكرة إنشاء صندوق لدعم التنمية في اليمن.

وأعربوا عن دعمهم لتأسيس مكتب للأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في صنعاء والذي اعتبروا بأنه سيساعد كافة المانحين في تخطيط وتنسيق وإيصال المساعدات لليمن على نحو أكثر فعالية.

وطبقا للعديد من التقارير الغربية، لا تبدو مثل هذه المهام سهلة على الاطلاق. ويعود جزء أساسي منها إلى اسلوب الحكم الذي ينتهجه النظام اليمني باعتباره كما تقول تلك التقارير جزء من الفوضى التي تسود البلاد.

وبالاشارة إلى تلاعبه بشبكة علاقات ومحسوبية معقدة. تؤكد التقارير بأن اقناعه بحل تلك الشبكة ووقف الاشكال الفجة للكسب غير المشروع ستكون من بين أصعب التحديات التي تواجه عمل مجموعة أصدقاء اليمن.

ويقول الباحث الأمريكي المختص بشؤون اليمن ان القوى الخارجية حللت مشاكل اليمن تحليلا دقيقا فيما مضى لكنها لم تتعامل معها قط الا على المستوى الخطابي. مضيفا "لم تكن هناك استمرارية. في اليمن المقياس الوحيد للنجاح هو الاهتمام المستمر والمركز".

وتتفق مصادر غربية مع مصادر محلية في المعارضة بأن المشاكل والازمات اليمنية تتطلب مجموعة من الحلول أكبر من مجرد شن الحملات المعلنة ضد عناصر مفترضة في القاعدة. ويقول وزير الخارجية البريطاني ان القضاء على مشكلات اليمن لا يمكن ان يبدأ وينتهي بتحدياته الامنية واستراتيجيته لمكافحة الارهاب.

ويضيف "عند معالجة مشكلة الارهاب من الضروري معالجة اسبابه الجذرية. وفي حالة اليمن فان هذه الاسباب متعددة اقتصادية واجتماعية وسياسية". وهي نفس الرؤية التي توصلت اليها وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" عقب مؤتمر لندن بقولها ان تحديات اليمن لا يمكن التصدي لها بالعمل العسكري وحده.

ويرى مسؤول أمريكي أن تمسك بلاده بشروط "الشفافية" قبل دفع المساعدات للحكومة اليمنية تهدف في الاساس إلى التأكد من وصول المساعدات فعلا إلى الشعب اليمني وانه لا يتم اختلاسها.

ويعتقد مراقبون محليون بأن السلطة تحاول مرارا لفت "أصدقاء اليمن" صوب المشكلة الأمنية باعتبارها جذر المشكلة وأساسها في البلاد وتوجيه اجتماعاتهم في هذا السياق بقصد التقليل من أهمية العملية السياسية والديمقراطية.

وجدير بالذكر ان العملية السياسية والديمقراطية تحتل حيزا أساسيا في أولويات مجموعة "أصدقاء اليمن"، الا ان تنفيذ تلك المهام والاشتراطات على ارض الواقع يعتمد بشكل أكبر على تفاعلات الساحة المحلية ومناورات وقدرات أطراف اللعبة السياسية.

وقد وضع فريق العمل الخاص باجتماع نيويورك السابق جملة من الأولويات التي يتطلب الاخذ بها في هذا المجال. وقال التقرير المقدم للاجتماع أنه ينبغي أن يكون الحوار الوطني منتدى لمناقشة المظالم والمصالح المشروعة لكل القوى السياسية في البلاد وان يبنى على قاعدة القبول بوحدة الأرض والحل السلمي للصراع.

وأوصى في هذا الجانب باتباع حوار وطني مفتوح وشامل وتنفيذ إجراءات أكثر تهدف إلى بناء الثقة. وشدد على ضرورة أن يناقش الحوار الوطني طائفة واسعة من القضايا وبجدول زمني واضح.

وطالب الشركاء الدوليين بدعم ومرافقة عملية الحوار الوطني والقيام بدور المراقب أو المسهل أو الوسيط إذا تطلب الأمر.

وعن الانتخابات النيابية المقبلة، أكد التقرير ان على الحوار الوطني أن يحضر الأرضية لانتخابات ذات مصداقية بأوسع مشاركة ممكنة من الأحزاب السياسية والمصوتين. وضمن الأولويات المطلوبة في هذا الجانب، قال ان من المهم تحقيق الاجماع حول التعديلات على الدستور والنظام الانتخابي وذلك بالسماح بانتخابات تعددية تعكس إرادة الشعب.

زر الذهاب إلى الأعلى