[esi views ttl="1"]
arpo28

هل تجرؤ صنعاء على محاكمة أكبر تاجر سلاح في البلاد؟

نفى مصدر قضائي يمني الأنباء التي راجت منذ يومين، عن قرب محاكمة فارس مناع، أكبر تاجر سلاح في البلاد، ورئيس لجنة الوساطة مع الحوثيين، وشقيق محافظ صعدة السابق، الذي أقيل من منصبه بعيد اعتقال فارس مناع في فبراير الماضي. وقال نفس المصدر أن من سرب الخبر المختلق هو أحد المطلوبين إلى العدالة.

ولكن في نفس الوقت أعلنت السلطات اليمنية أنها وضعت مائتي وخمسين تاجر سلاح في البلاد تحت المراقبة، لضمان عدم تورطهم في الاتجار غير المشروع بالأسلحة، وهو تعبير غامض في بلد يباع فيه السلاح مثل أي شيء آخر. ويبدو، وفقا للصحفي اليمني حمود منصر في حديث لإذاعتنا، أن الضغوط الخارجية، وتحديدا الأمريكية كانت وراء هذا القرار.

محاكمة محرجة

لماذا يتحول رئيس لجنة الوساطة مع الحوثيين، بقرار من رئيس الجمهورية، إلى معتقل متهم بعدة تهم أهمها "التخابر مع دولة عربية"، تشير القرائن إلى أن المقصود بها ليبيا؟.

ولماذا لا تجرؤ الدولة حتى الآن على تقديمه للمحاكمة، بالرغم من اعتقاله منذ فبراير الماضي؟ هل بحوزة مناع الكثير من الأسرار المحرجة، ليس فقط للكثير من مراكز القوى في اليمن، وإنما أيضا للولايات المتحدة، التي، وفقا للصحفي حمود منصر، مولت صفقة أسلحة مع فارس مناع لتسليح الحكومة الانتقالية في الصومال.

ويقول حمود منصر لإذاعتنا إن مسألة اعتقال فارس مناع ارتبطت بملابسات تتعلق بالأسلحة وتوزيعها في منطقة صعدة، في الأسابيع الأخيرة من الحرب السادسة مع الحوثيين، في الوقت الذي كان لا يزال يشغل منصب رئيس لجنة الوساطة معهم.

ويضيف حمود منصر قائلا: "نُشر اسم فارس مناع في أكتوبر من العام الماضي، ضمن قائمة أطلقت عليها وزارة الداخلية اسم القائمة السوداء لعشرة من كبار تجار السلاح، لكن يبدو أن هناك ملابسات أخرى تتعلق بحسابات مالية، وتتعلق أيضا باتصالات مع إحدى الدول العربية، لكن حتى الآن لم تكشف كل ملفات قضية فارس مناع، وتظل قضية فارس مناع لها أبعادها الداخلية والخارجية، وترتبط بمصالح على مستوى الداخل والخارج".

التورط الليبي في اليمن

لم يعد سرا أن الدولة العربية التي يتهم فارس مناع بالتخابر معها هي ليبيا، فما مصلحة ليبيا في التدخل في الشئون اليمنية؟ يجيب حمود منصر قائلا: "ليبيا ليست مشجبا بريئا أو بعيدة عن المتغيرات والأحداث في اليمن. ليبيا لها صلات بالأطراف السياسية في اليمن، منذ أن كان لا يزال مشطرا إلى دولتين. تعرف أن هوس وهاجس الوحدة والتوحد كان أمرا يغري الزعيم الليبي معمر القذافي، وعندما كانت قضية الوحدة اليمنية إحدى أهم القضايا المتعلقة بمبدأ التوحد في الوطن العربي، كانت ليبيا إحدى الدول التي احتضنت إحدى الاتفاقيات التي مهدت لتحقيق الوحدة اليمنية، وهذا أعطى للقذافي موطئ قدم".

ويصيف مستطردا " وأعتقد أيضا أن الاختلافات والحساسيات التي بين السعودية وليبيا كانت قد وجدت مدخلا لها من خلال الصراع في صعدة، على خط الحدود مع المملكة العربية السعودية، وكان القذافي يبحث عن منفذ لممارسة أي تأثير على السعودية، وهذا ما يقودنا إلى أنباء عن وجود صفقة أسلحة وردت للحوثيين بمبلغ عشرين مليون دولار، كان الوسيط فيها فارس مناع".

السيد منصر يعتقد أن "هذه هي جوهر المشكلة التي قادت فارس مناع من جبال صعدة إلى المعتقل في صنعاء، وليبيا هنا باعتبارها الطرف الممول لهذه الصفقة، وكانت السلطات اليمنية في العام الماضي، قد وجهت التهمة إلى ليبيا وإيران على حد سواء، وسحبت سفيريها من طرابلس وطهران، بحجة أن هناك تدخلا إيرانيا وليبيا في الشأن الداخلي اليمني، أي في دعم جماعة الحوثيين".

تقلص أسواق الأسلحة الداخلية

ما العلاقة بين الحملة ضد تجار السلاح في اليمن، وقضية فارس مناع؟ يقول حمود منصر: "ظاهرة تجارة السلاح في اليمن ظاهرة عادية وطبيعية، مثلها مثل تجارة أي سلعة من السلع الأخرى، ولكن في ضوء الحملة الدولية على الإرهاب، تعرضت السلطات اليمنية لضغوط غربية شديدة، وأيضا من بعض دول المنطقة، بسبب تسرب كميات من الأسلحة إلى بعض دول الخليج، وأيضا إلى الصومال. ولكن هذه الحملة كي تؤتي ثمارها وتنجح، تحتاج إلى سنين طويلة، باعتبار أن اليمن محطة مهمة للسلاح التقليدي" بحسب ما يقول.

وهو يعتقد أن "بعض كميات الأسلحة أحيانا تكتشف وهي في طريقها إلى الصومال، وأحيانا يؤتى بها من الصومال إلى اليمن، وقام فريق من خبراء مجلس الأمن بتحقيق واسع قبل عدة سنوات عن حركة السلاح في منطقة خليج عدن وباب المندب، والحكومة اليمنية تجد نفسها الآن مجبرة على الحد من تجارة السلاح، لكن يبدو أن هذا سيحتاج إلى وقت طويل".

وبالرغم من الضغوط الخارجية المتزايدة، إلا أن السلطات اليمنية لا تستطيع مراقبة السواحل الطويلة التي تتسرب منها الأسلحة، ومع ذلك فقد نجحت في تقليص أسواق الأسلحة الداخلية، والتي وفقا لحمود منصر تقلص نشاطها بنسبة ثمانين في المائة، ولكن التجار غالبا ما يمارسون نشاطهم بسرية، ويعقدون صفقات خفية وهو ما يجبر السلطات على بذل جهد أكبر للتحكم في هذه الصفقات.

التخابر مع ليبيا

ويرجح حمود منصر أن يحاكم فارس مناع بتهمة التخابر مع ليبيا "إذا ثبت ذلك للسلطات وتوفرت لديها معلومات في هذا الجانب، أما قضية تجارة السلاح فقد كان هناك تفاوض فريد وعلني بين السفارة الأمريكية والسلطات اليمنية من جهة، وفارس مناع من جهة أخرى لكي يوقف نشاطه في سوق السلاح، ويحوله إلى سلع أخرى، وربما سبب منعه من السفر إلى الولايات المتحدة والسعودية في وقت سابق، بسبب تجارة السلاح، ولكن هناك صفقات أوكلت إلى فارس مناع بتمويل من الجانب الأمريكي، فقد تم تمويل صفقة أسلحة إلى الصومال العام الماضي، وبالتالي فمن المستبعد أن تتم محاكمته بسبب تجارة السلاح".

تاجر سلاح ووسيط للسلام

في العام الماضي أدرج مجلس الأمن الدولي فارس مناع ضمن قائمة المصنفين كمهربين للأسلحة إلى الصومال، خارقا بذلك الحظر الدولي المفروض على الصومال. وثمة من يتهم مناع بأنه استغل الحرب في صعدة لازدهار تجارته، خاصة وأن الحرب استمرت ست جولات، ومرشحة لجولة سابعة، وكان يحصل بسهولة على تراخيص من جهات عليا في الدولة لاستيراد الأسلحةز

أما تعيينه رئيسا للجنة الوساطة مع الحوثيين، فقد أعطاه الضوء الأخضر للاستمرار في صفقاته، خاصة وأن شقيقه هو محافظ صعدة، كل هذا جعل العميد يحي عبد الله صالح، شقيق الرئيس اليمني، ورئيس أركان قوات الأمن المركزي يقول عن لجنة الوساطة "هي أغرب لجنة. تاجر سلاح يصبح وسيطا للسلام!".

زر الذهاب إلى الأعلى