[esi views ttl="1"]
arpo28

الحراك الجنوبي.. تشنج وكراهية… وضرر متصاعد

من حضرموت إلى الضالع مروراً بشبوة وعدن ولحج، لا تخلو مدينة من أشخاص يطلقون على كل ما هو شمالي مصطلح 'دحباشي' بشكل مستمر، ولاسيما إذا كان الزائر يرتدي زياً تقليدياً كالثوب والخنجر. ومنذ 1990 عقب الوحدة، لم تتوقف آلة النكتة السياسية والشعبية عن السخرية من 'الدحابشة' الشماليين.

ولفظة 'دحباشي' هي الصفة من اسم 'دحباش'، الذي يعود إلى ممثل شمالي كان بطل مسلسل كوميدي يحمل نفس الاسم. و'دحباش' بطل الفيلم يلعب دور الإنسان الجشع المؤذي لجيرانه من خلال أطفاله أو مشاكله التي لا تنتهي، لكنه في نهاية المسلسل التلفزيوني الكوميدي، الذي بثه تلفزيون اليمن مطلع تسعينيات القرن الماضي، عقب 'الوحدة'، يتحول إلى شخص آخر محب للخير والآخرين. ومهم أن نشير هنا إلى أن الفنان آدم سيف، من أبناء مدينة تعز الذي مثّل الدور أيضاً في نفس المدينة، حُرم تماماً التمثيل وبث أعماله الفضائية اليمنية، وكأنه يدفع ثمن الدور الذي قام به.

لا أحد يستطيع نكران أن الممارسات الخاطئة من قبل شماليين يمنيين سواء كانوا مواطنين أو مسؤولين في الدولة –سواء كانت بعمد أو بسبب تقليد سائد في مناطقهم الشمالية– وفرت ل'المتشنجين' من أبناء الجنوب زاداً كافياً لاعمال لغة التهكم والسخرية على إخوانهم الشماليين.

فعلى سبيل المثال 'أهل الصعيد في مصر وأهل حمص موضوع النكات الشعبية في البلدين، ولا يؤثر ذلك في العلاقات بمعناها الشامل'، حسب ما يقول منتج فني من أبناء الشمال يعمل مع فنانين جنوبيين.

ورغم أن هناك نكتة في الشمال على الجنوبيين الذي عادة ما يعتبرون 'أصحاب كيف وطرب وغير جديين في حياتهم وغير مبادرين'، فإنه لا تستطيع أن تسمع ألفاظاً جارحة من شماليين لجنوبيين إجمالاً، وهذا حسب ما يراه رجل أعمال من صنعاء. وحسب آراء مواطنين، أسوأ ما في الأمر أن ملاكاً جنوبيين في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت وكذلك في محافظتي لحج والضالع، لا يؤجرون منازلهم لمواطنين شماليين، وهذا ما حدث بالفعل لأحمد سعيد الشرعبي في المكلا.

لغة الكراهية

يقول النائب عن حزب 'الإصلاح' المعارض، علي حسين عشال ل'الجريدة'، إن 'الحراك الذي يحمل أجندة سياسية هو ظاهرة صحية، فعندما يتحرك الناس وتبدأ ثقافة الجهر بالرأي تتأصل عندهم، واستخدام آلية الخروج إلى الشارع للتعبير عن الرأي والمسيرات والاعتصام والمظاهرات والعصيان، فإن ذلك يجعلهم في حالة أفضل'. وكل ما سبق، حسب رأيه، 'يمثل أدوات مشروعة في العمل السياسي وإعلان حالة رفض أو طلب حق مشروع'.

ويرى عشال وهو أحد مشايخ محافظة أبين ونائب عن إحدى مديرياتها، أن 'المقلق ما يحصل في اليمن اليوم هو فعلاً ما يصاحب هذا الحراك من نبرة تعلي من صوت الكراهية وتسعى إلى إلغاء الآخر، وتنطلق فيها جملة حالة الغضب المصحوبة بشيء لم يعهده تاريخ اليمن الجنوبي الحديث، من ثقافة للكراهية وتعميق لها'.

وتابع: 'هذا الأمر في حاجة إلى الوقوف من قبل النخب السياسية بالذات، أمامه طويلا، وأن تراجع حساباتها من هذه القضية، وأن يكون لها موقف من هذه الحالة، التي يراد لها أن تتأصل في مجتمعنا'.

وطالب عشال بأن يكون هناك موقف من قبل هذه النخب ورأي واضح، مضيفاً: 'أي مواربة أو تغطية أو تعمية أو استخفاف وتجاهل لهذه النبرة وهذه الحالة من التعميق للكراهية لن تخدمنا جميعاً في المستقبل، وبالتالي فإن النخبة السياسية معنية بمعرفة أسباب تعمق هذه الكراهية'.

ومضى عشال يقول: 'لاشك أن هناك أسباباً من بينها الشعور بحالة المظلومية، تؤدي إلى التعبير بشيء من الاحتقان لكن لا ينبغي أن يعمينا أن نقول للصواب هذا صواب وللخطأ هذا خطأ، عندما ترى هذه الكراهية يتم التعبير عنها بالعنف ضد الآخر من منطلقات جغرافية ليس لها علاقة بماهية هؤلاء الأشخاص. هذه ثقافة خطيرة جداً ولم يشهدها تاريخ اليمن الحديث في الشمال أو الجنوب'.

ورأى أن من الضرورة معرفة الأسباب أولاً 'لكونها ظاهرة دخيلة، ومهم جداً معالجة الظاهرة، وتقع ضمن مسؤولية السلطة والنخبة السياسية المعارضة لأنه ينبغي ألا تسكت وينبغي أن تصاحب هذا الموقف الرافض بالتعبئة الجماهيرية وحالة من التعبئة الثقافية والوصول إلى الناس، واستنكار ما يحصل من ظواهر سيئة'.

وحسب قوله، فإن 'معرفة الأسباب استعصت على المراقبين لكن ذلك كله في حاجة إلى لفتة سريعة وعاجلة، كي يتم احتواء الموقف من قبل جميع الأطراف ووقف كارثة قد تأتي لا قدر الله'.

الكاتب الصحافي جمال جبران يقول إن 'الكتابات والافتتاحيات في الصحف الرسمية وتصريحات لمسؤولين في الدولة تحمل نفس المستوى من لغة التهكم والتقليل من شأن المطالب الحقوقية، والمطالبين بمواطنة متساوية في الجنوب'.

كما أنه من غير المنصف عدم الإشارة إلى اللغة التكفيرية التي انتهجها خطباء وقادة بارزون في حزب 'الإصلاح' ضد قيادات وعناصر الحزب الاشتراكي قبل وأثناء وعقب حرب صيف 1994، وكان أكثر من نال حظاً من هذه اللغة الحادة في الخطاب الديني قائمة الستة عشر من القيادات الجنوبية ومعظم أعضائها من الحزب الاشتراكي، وعلى رأسها علي سالم البيض.

ويسأل رئيس كتلة الحزب الاشتراكي في البرلمان اليمني عيدروس النقيب في حديث مع ال'الجريدة'، 'من الذي يدفع الحراك السلمي باتجاه العنف؟'.

ويقول عيدروس، وهو نائب في البرلمان اليمني عن إحدى مديريات محافظة لحج الجنوبية: 'كل حوادث القمع والقتل التي ارتكبتها السلطات الأمنية في حق المئات من المواطنين في مختلف مناطق محافظات الجنوب لم ينتقم أهالي ضحاياها'.

ويعتقد النقيب أن 'السلطة ترغب رغبة جامحة في دفع الحراك السلمي إلى الأعمال الانتقامية'. ويضيف: 'أربأ بقيادات الحراك السلمي أن تنتقل إلى هذا المربع، لأنها تعلم أن الفعل السلمي هو أكثر ما يؤرق السلطة، وأكثر ما يشرح صدرها ويبعث على سرورها هو الانتقال إلى مربع العنف'.

مظاهر عنف

ومع شعور قوى 'الحراك' -إن صح التعبير– بالتأثير التي تخلفه أنشطتها ومهرجاناتها منذ منتصف 2007، فقد فتح المجال للغة التهكمية، مما أفرز مظاهر عنف مناطقي أخطرها على الإطلاق التصفيات الجسدية لعدد ممن ينتمون إلى شمال اليمن على أيدي عناصر تابعة للحراك. فقد تمت تصفية ثلاثة من أسرة واحدة في منطقة العسكرية في 'حبيل جبر' (محافظة لحج) في 10 من يوليو 2009، وهزت الجريمة البلد كله. وقتل مواطن آخر أمام عائلته في ثاني أيام عيد الأضحى الماضي –منتصف ديسمبر 2009- في منطقة 'الحبيلين' في محافظة الضالع، ثم تواصل الأمر وقتل في أواخر مارس 2010 مواطن من عمران في أبين، وغيرها من الحوادث.

وتتو إلى الفعاليات الاحتجاجية في جنوب اليمن باستمرار، وتتطور الاحتجاجات وأساليبها ومطالبها. ورغم حملة الاعتقالات التي بدأتها السلطات اليمنية منذ أول احتجاج سلمي منتصف عام 2007، فإن التظاهرات والتجمعات بمختلف أشكالها لم تتوقف، كان آخرها دعوة جديدة إلى العصيان المدني في مدن الجنوب. وإن كانت التقارير الصحافية الميدانية تؤكد أن دعوات الخامس من أبريل 2010 لم تنجح، ربما بسبب تحذيرات وزارة الداخلية اليمنية.

تعتبر السلطات المطالبين والمحتجين بأنهم خارجون على القانون وتم اعتقال أعداد كبيرة من المتظاهرين، وهو ما يفاقم المشكلة الآن وتمت إحالة عدد منهم إلى المحاكم وحكم على كثير منهم بالسجن.

وتتع إلى أصوات عناصر 'الحراك' بعبارات مثل 'الاحتلال'، و'الدحابشة' والتعريف على أساس مناطقي 'شمالي - جنوبي'، وغالباً ما يكون الشماليون من صنعاء وما جاورها، أكثر عرضة للتهكم والسخرية والاعتداءات، لكونهم الأقرب لكبار القيادات في نظام صنعاء. وفي المقابل، يكاد لا يخلو خطاب رسمي لكبار المسؤولين أو مقالات لكتاب موالين للسلطة من ألفاظ تحقر عناصر الحراك ومطالبهم مثل 'المرتزقة'.

احتجاز تعسفي

يكشف تقرير أصدرته وزارة الخارجية الأميركية أن أعمال قمع مارستها الحكومة اليمنية ضد 'جنوبيين' بشكل كبير، إذ ذكرت تقارير أن قوات الأمن قتلت أو جرحت عدداً من المشتبه فيهم خلال اعتقالات جرت ضد تظاهرات في جنوب اليمن بدوافع سياسية، وترتب عن هذه المواجهات مقتل عشرات الأشخاص واعتقال وإصابة المئات منهم.

ولأن الاحتجاجات تُنظم في العادة وتُعلن مقدماً، وكثيراً ما تكون خلال أيام المناسبات الوطنية المهمة للجنوب، فإن قوات الأمن عادة ما تتمكن من الوجود بأعداد كبيرة، وتبدأ في اعتقال المشتبهين في تنظيم الاحتجاجات قبل المسيرات، وفي اليوم المُعلن عنه للاحتجاجات، فإن من يسافرون سواء من أبناء الشمال أو الجنوب يمرون بنقاط تفتيش على الطريق. والذين يجدون أنفسهم على مقربة من أماكن الاحتجاجات قد يتعرضون للاعتقال التعسفي، غالباً من الأجهزة الأمنية، إذا فلتوا من أيدي عناصر في 'الحراك'.

وفي الاحتجاجات نفسها، كثيراً ما تحاول قوات الأمن احتجاز المشتبهين في مشاركتهم، وأحياناً ما تعتقل المارة. الاتهامات الرسمية للمُعتقلين تشمل 'المشاركة في احتجاج غير مرخص له' و'تهديد وحدة الدولة'، لكن قلة قليلة من المعتقلين يخضعون للمقاضاة أو المحاكمة من جراء هذه الاتهامات، طبقاً لمحتجزين سابقين وناشطين في الحراك الجنوبي.

أرقام

لم تعلن إحصاءات دقيقة لعدد المعتقلين والقتلى والمصابين إثر هذه المواجهات، لكن الأعداد بالمئات منذ اشتعال موجة الاحتجاج قبل حوالي ثلاث سنوات، حسب قيادات الحراك، وهو ما يشكل وقوداً لاستمرار الحراك –وكما أشرنا في حلقة سابقة، تم إطلاق 'يوم المعتقل' على يوم الخميس من كل أسبوع، حيث يخرج متظاهرون في كل من لحج والضالع، ويطالبون بالإفراج عن المعتقلين.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن عدد المعتقلين السياسيين على ذمة الحراك الجنوبي في اليمن بلغ حتى أغسطس 2009، 1200 معتقل.

وارتفع عدد المعتقلين في ثلاث محافظات يمنية (أبين ولحج والضالع) توصف بأنها مثلث الحراك الجنوبي إلى أكثر من 100 معتقل خلال شهر مارس 2010، بحسب إحصائية خاصة بموقع 'التغيير نت' الإخباري المستقل.

وكانت حملة الاعتقالات شملت عدداً من السياسيين والقادة في فصائل الحراك الجنوبي ولايزال بعضهم مختفياً في سجون السلطات في كل من صنعاء وعدن وحضرموت. هذه الحملات زادت إثر تزايد موجة احتجاج الجنوبيين، ورفع علم الشطر الجنوبي وصور علي سالم البيض، ومُنع حقوقيون وأهالي معتقلين من زيارتهم للسجون، وهو الأمر الذي جعل مسألة إحصاء المعتقلين صعبة، وزاد من تذمر المنظمات الحقوقية الدولية.

معتقلات داخل معسكرات

منذ بدء الاحتجاجات في عام 2007، فإن بعض المحتجزين في الجنوب، خصوصاً من يُعتقد أن لهم دوراً قيادياً في حركة الاحتجاجات، أحيلوا إلى الاستخبارات العسكرية والأمن السياسي في صنعاء للمزيد من التحقيق والاستجواب.

وفي قضايا نادرة، تحركت السلطات لمحاكمة قيادات من الحراك الجنوبي بناء على اتهامات منها المساس بالوحدة، لكن لم تنته أي من هذه المحاكمات حتى أوائل أبريل 2010 إلى صدور أحكام.

من بين أول من تعرضوا للاعتقال من القادة في الحراك العميد المتقاعد ناصر النوبة، رئيس جمعية العسكريين المُسرحين، وهي منظمة ظهرت بشكل مبكر ونظمت احتجاجات واعتصامات واسعة من قبل العسكريين المتقاعدين.

وكان العميد النوبة قد تعرض للاعتقال من بيته في عدن في 2 سبتمبر 2007. ومن بين المعتقلين أعضاء في الحزب الاشتراكي بينهم أعضاء في مجلس النواب، ومن المعتقلين علي منصر عضو اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي، وحسن باعوم أحد أبرز قادة الاحتجاجات، وعضو مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي ناصر الخبجي، ورئيس فرع حزب التجمع الوحدوي اليمني في محافظة حضرموت ناصر باقزقوز وعشرات غيرهم.

في 24 مارس 2009، قضت المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب وأمن الدولة في صنعاء بسجن النائب السابق أحمد بامعلم عشر سنوات بعدما أدانته بتهمة 'المساس بالوحدة والدعوة إلى الانفصال وإثارة الشغب والنعرات الطائفية'، بينما حكمت ذات المحكمة في عدن على العميد المتقاعد علي محمد السعدي بالسجن مدة سنة وثلاثة أشهر بتهمة المساس بالوحدة الوطنية والدعوة إلى الانفصال، وبرأت المحكمة نفسها العميد المتقاعد قاسم الداعري من التهمة ذاتها. ويُعد السعدي والداعري من أبرز قادة الحراك الجنوبي في محافظتي لحج وأبين.

الأضرار الجانبية

قتل المجند عبدالعزيز حميد في يناير 2010، وهو من أبناء محافظة إب في الجزء الشمالي من اليمن، غير أن أسرته لم تنس بعد فجيعتها بمقتل ابنها الشاب، في محافظة شبوة الجنوبية، كما أن القتلة لم يضبطوا.

لم يتم تحديد توجه القتلة، من أنصار 'الحراك الجنوبي' أو من 'القاعدة'، التي قالت السلطات الأمنية إنها وجهت إليها ضربات موجعة في ديسمبر 2009 ومطلع 2010، فكان الضحايا من المواطنين أكثر من المستهدفين. يقول شقيقه الأكبر محمد: 'لقد ذهب ضحية للغباء والتطرف'، موضحاً أنه كره وأسرته عناصر 'الحراك' وأعمالها، والسلطة وأساليبها، حتى الوحدة وأهدافها، بسبب مقتل ابنهم وهو يخدم وطنه.

فصائل 'الحراك' نفت صلتها بتلك الحوادث واتهمت السلطة بتشويه سمعتها، مشيرة إلى أن القتلة هم ممن تدفع بهم السلطة أو تشتري ذممهم وإن كانوا جنوبيين، وهو ما إشار إليه أنور أحمد عبدالله، نائب رئيس هيئة الحراك السلمي في عدن.

على فترات متقطعة، ومنذ بدء الاحتجاجات منتصف 2007، عمد جنوبيون إلى مهاجمة متاجر يملكها شماليون يقيمون في محافظات الجنوب، ففي يوليو 2009 وفي أسوأ هذه الهجمات تم اختطاف أصحاب المتاجر الشماليين وقُتل اثنان منهم في منطقة ردفان في نفس الشهر.

ويرى مراقبون محليون أن تلك الحوادث تبدو استثنائية ومخفية على عكس نشاطات الحراك وأهدافه المعلنة، مشيرين إلى أنها قد تلقي الضوء على طبيعة الموقف المشتعل والأخطار المحدقة المتمثلة في احتمال تصعيد العنف. وما يخشى منه هو تطور المصادمات المسلحة إلى خلق نزاع مسلح في الجنوب بأسره.

يقول عبدالواسع النخلاني، عضو الهيئة المركزية في حزب رابطة أبناء اليمن 'رأي'، وهو حزب تأسس في الجنوب في الخمسينيات من القرن الماضي، إن المخاوف تتضاعف من أن يتحول الجنوب إلى دائرة عنف، مشيراً إلى 'بروز توجهات لدى السلطة تستخدم فيها مثل الهيئات المناهضة للحراك وفصائله أحياناً لضرب الحراك، وأحياناً تقوم بأعمال حوادث تشعل فتيل الأزمات والعداء بين فصائل ومجموعات قبلية، وهكذا'.

وتطابقت آراء عدد من القيادات المحلية مع مواطنين أصليين في عدن بأن هناك رفضاً واسعاً بشأن استخدام عناصر 'الحراك' العنف مجدداً في عدن كما حدث في يناير 1986، إذ استخدمت محافظة عدن ساحة لمعارك فصائل الحزب الاشتراكي اليمني.

وتقول الناشطة الحقوقية داليا أنعم –من مواليد عدن– إنه 'رغم المشاكل والصعوبات التي يعانيها أبناء عدن، فإن الناس هنا يرفضون تدخل القبائل سواء من الضالع أو لحج أو أبين، وتحويل عدن إلى ساحة مواجهات مع السلطة تستخدم فيها أساليب العنف، ويكون المواطن المسالم هو أول ضحية'.

مثلث النار

منذ تصاعد الأزمة في جنوب اليمن عام 2007، أُطلِق على محافظات أبين والضالع ولحج، تسمية «مثلث النار» لما أصبحت تشهده من اضطرابات. وفي ما يلي نبذة عن كلٍّ من المحافظات الثلاث:

أبين

تقع محافظة أبين على الشريط الساحلي للبحر العربي الذي يمتد إلى أكثر من 300 كيلومتر. وتبعد عن العاصمة صنعاء مسافة 427 كيلومتراً، وتتصل محافظة أبين بمحافظتي شبوة والبيضاء من الشمال، ويحدها البحر العربي من الجنوب، ومحافظة شبوة من الشرق، ومحافظتا لحج وعدن من الغرب.

تبلغ مساحة أبين حوالي 16943 كم2 تتوزع في عشر مديريات، وتعتبر مديرية خنفر أكبر المديريات مساحة (4398كم2)، وأصغر مديريات المحافظة رصد وتبلع مساحتها 198كم2.

يبلغ عدد سكان محافظة أبين وفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2004، 433.819 نسمة وينمو السكان سنوياً بمعدل 2.47 في المئة.

من شخصيات المحافظة الفريق عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية، وعلي ناصر محمد الرئيس السابق لجنوب اليمن وطارق الفضلي.

ويتركز الحراك بقيادة الفضلي في عاصمة المحافظة زنجبار.

الضالع

تقع محافظة الضالع جنوب العاصمة صنعاء على بعد 245 كيلومتراً. ويبلغ عدد سكان المحافظة وفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 1994 341.449 نسمة.

ينتمي إلى محافظة الضالع عدد من القيادات السياسية بينهم القيادي علي عنتر الذي قتل في أحداث يناير 1986. وتعتبر مدينة الضالع هي المكان الأكثر سخونة في المحافظة، إذ تعرضت قيادات أمنية ومحلية في المدينة للقتل والاعتداءات المتكررة. ومعظم أبناء الضالع كانوا في الجيش الجنوبي السابق، وتم تسريح عدد كبير منهم عقب صيف 1994.

لحج

تقع محافظة لحج في الجنوب الغربي من الجمهورية اليمنية، جنوب العاصمة على بعد حوالي 320 كيلومتراً.

بعد تحرير الشطر الجنوبي من الاحتلال البريطاني أصبحت لحج إحدى المحافظات الست، وبعد إعادة تحقيق الوحدة في 22 مايو 1990، صارت لحج أيضاً إحدى محافظات الجمهورية اليمنية بنفس التقسيم الإداري السابق. ومن أواخر 1998 فصلت مديرية الضالع عنها لتكون محافظة جديدة حملت اسمها محافظة الضالع.

وتعتبر منطقتا ردفان والحبيلين أكثر المناطق سخونة في المحافظة.

زر الذهاب إلى الأعلى