[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

هل يتوارى هادي ويتقدم بحاح إلى الواجهة؟

منذ عودته إلى عدن، منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، يتقدم نائب رئيس الجمهورية اليمني ورئيس الوزراء خالد بحاح كرجل ‏أول للدولة اليمنية وتزيد شعبيته يوماً عن آخر، مقابل تراجع شعبية الرئيس هادي الذي عاد، أمس الأحد، من نيويورك إلى جدة.‏

وأكد محللون سياسيون يمنيون أن العودة إلى جدة تحمل دلالات بأن هادي سوف يستقر في المدينة السعودية ‏ويتوارى عن الإعلام، أو ربما يضطلع بدور عسكري في العمليات ضد الحوثيين.‏

ويقول المحلل السياسي اليمني، مروان الغفوري: "عدن المضطربة، حالياً، لا تكتد تصلح لفريق عمل واحد، ‏لدى الرجلين فريقا عمل، وبينهما تناقضات أكبر من قدرة عدن المضطربة على استيعابها. قبل ذلك كان مكاوي، مستشار هادي، ‏قد عاد إلى الرياض تاركاً عدن خلفه".‏

واعتبر الغفوري أن بحاح يمتلك رشاقة أكبر، فهو الشاب المتعادل سياسياً، المحايد الذي ليس له أعداء ولا أصدقاء وهو يتحرك ‏بموظفين فقط، وأضاف أن ثمة تلميحات تأتي من الرياض عن خوف التحالف على مكاسبه العسكرية من إدارة رجل يستخدم كل ‏مكتسب للإيقاع بخصومه وخلق المزيد منهم، في إشارة إلى هادي.‏

وأوضح أن ما تريده السعودية من هادي حصلت عليه: التفويض والشرعية، وأنها من وقت لآخر ستكتفي بعودة رمزية لهادي، ‏تعزز المكاسب على الأرض.‏

ويقول في هذا الصدد: "عملياً لم يعد هادي يصلح للسياسة، وهو ما يدركه هادي نفسه. في لقاء أخير جمعه بأحد وزراء الحكومة ‏الأولى لبحاح اعترف هادي بضعفه وقلة حيلته، وأحال الأمر إلى خسارته شقيقه كونها الخسارة الأكبر، كما قال، لذلك يبدو هادي ‏وكأنه مجرد مقامر يلقي بما في لديه غير مكترث بما سيحدث".‏

ومن خلال قراءة تطورات المشهد اليمني، فإنه تجري تهيئة الأجواء لتعيين نائب الرئيس اليمني خالد بحاح رئيساً للبلاد، أو الإبقاء ‏على هادي رئيساً وأن يعمل بحاح بصلاحيات الرئيس، بحسب مراقبين.‏

لم يكن بحاح سياسياً، فمنذ تخرجه عام 1992، التحق بشركة "نكسن" الكندية للبترول، وتدرج في عدة وظائف داخل الشركة، ‏حتى عام 2006 عندما عيّن وزيراً للنفط والمعادن، لكنه خاض غمار السياسة وصعد بسرعة بعد تعيينه رئيساً للحكومة في ‏‏13 أكتوبر/ تشرين الأول 2014.‏

وبعد أقل من شهر على انطلاق عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، عين الرئيس عبد ربه منصور هادي خالد بحاح ‏نائباً له، في أبريل/ نيسان 2015، تحت ضغوط خارجية، بحسب مراقبين اعتبروا أن تعيين بحاح مقدمة لإزاحة هادي، وأشاروا ‏إلى أن بحاح يحظى بقبول إقليمي ودولي وعلى المستوى الشعبي في اليمن.‏

ولاحقاً لم يعمل الرجلان كفريق واحد ومنسجم، وظهرت خلافات بدأت مع إصرار هادي على تعيين رياض ياسين وزيراً ‏للخارجية، وإقصاء عبد الله الصايدي المقرب من بحاح من نفس المنصب، ولم تنته في التصريحات المتضاربة بين مؤسستي ‏الرئاسة والحكومة بشأن قطع العلاقات مع إيران.‏

وقد برز هذا الخلاف أكثر، مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد خبر نسبته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية إلى "مسؤولٍ ‏حكوميٍ كبير" بأن هادي يتجه نحو إعفاء بحاح من منصبه كرئيس للوزراء وتكليف شخصية شمالية بتشكيل حكومة وحدة وطنية ‏مصغرة.‏

غير أن المتحدث باسم الحكومة راجح بادي نفى أي توجه لتشكيل حكومة جديدة، واعتبر الخبر مجرد "تسريبات مطابخ إعلامية ‏وشخصيات فقدت مصالحها في المجالين السياسي والإغاثي".‏

ويرى محللون أن السعودية تدعم هادي، فيما تقف دولة الإمارات مع بحاح، ويوضحون أن بحاح، ومن خلفه دولة الإمارات ‏العربية المتحدة، يرى أن تبني مشروع فيدرالية معلنة بين الشمال والجنوب من شأنه إنقاذ الوحدة اليمنية، لاعتبارات الوقائع ‏الجديدة على الأرض، إذ يعتبر بحاح أن فرض مشروع الوحدة بصيغتها الحالية على الجنوبيين أصبح أمراً مستحيلاً ومن شأن ‏الإصرار على هذا الخيار إدخال البلاد في أتون دوامة صراع لا يمكن التنبؤ بنهايتها.‏

فيما يرى الرئيس هادي، ومن خلفه السعودية، أن الخيار الأنسب لليمن هو المضي في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ومشروع ‏الأقاليم الستة باعتبارها أمراً اتفقت عليه مجمل القوى السياسية في البلد.‏

لكن مصادر حكومية أكدت وجود اختلافات بين الرئيس اليمني ونائبه بشأن طريقة إدارة الدولة والتعيينات ‏الحكومية، وقالت إنه ليس هناك صراع أو خلاف عميق بين الرجلين.‏

وأكد المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أن هناك مؤشرات عديدة على عدم الانسجام بين الرئيس ونائبه، لكن ذلك لا يعني ‏أن الاثنين فقدا القدرة على التصرف كمسؤولين عن البلد في هذه المرحلة.‏

وقال التميمي: "القضية الأساسية التي تحكم حضور كل من الرئيس ونائبه في المشهد السياسي هو أنهما ‏الواجهة الشرعية للسلطة في البلاد، ما يعني أن الحاجة ماسة لوجود الرئيس ولنائبه معاً".‏

وأوضح أن الدافع الأساسي لتعيين نائب للرئيس كان الحرص على ألا تقع البلاد في فراغ دستوري في لحظة حرجة كهذه.. ‏هناك صلاحيات واسعة بيد رئيس الوزراء نائب الرئيس، لا ترتبط بوجوده في عدن، على الرغم من أنه ظهر خلال الفترة الماضية أن هناك ‏حالة من عدم الانسجام في المواقف السياسية، بين الرئيس ونائبه.‏

وأضاف: "لا يمكن في هذه المرحلة الحديث عن حالة استقطاب تمارس في أوساط القيادة اليمنية من جانب دول التحالف، قائمة ‏على أساس ضمان أوسع مساحة نفوذ لهذه الدولة أو تلك في اليمن بعد مرحلة التخلص من النفوذ الإيراني، ليس هناك وقت ولا ‏الظروف تسمح بممارسة ترف من هذا النوع".‏

‏ويقول مراقبون إن بحاح رجل دولة مؤهل ويمتلك قدرات إدارية فذة وقدرة على التواصل الإعلامي، وخلال أسبوعين من ‏عودته إلى عدن قام بأعمال ونشاطات مهمة.‏

ويقول ناشطون ومحللون يمنيون إن تواجد بحاح وحكومته في عدن يمثل حضوراً للدولة، وأنه أمام اختبار إعادة سلطة الدولة ‏وبسط الأمن وإعادة الخدمات.‏

ويرى مراقبون أن الأولوية التي ستقوم بها الحكومة في الأيام المقبلة، هي تحسين الخدمات في المناطق والمدن المحررة، وإعادة ‏الأعمار، والاهتمام بملف الجرحى، والملف الأمني المتدهور.‏

ويؤكدون أنه في حال نجحت الحكومة ولو جزئياً في هذه الملفات فإنها ستكون انطلاقة قوية بحسب مراقبين، وسيقدم بحاح نفسه ‏كرجل أول في اليمن وسيحظى بمباركة شعبية وإقليمية ودولية.‏

زر الذهاب إلى الأعلى