[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

اليمنيون يرفضون "فواتير الظلام"

بينما تغرق العاصمة صنعاء، ومدن أخرى في ظلام دامس منذ نحو شهرين ونصف الشهر، جراء المعارك التي تشهدها البلاد والاعتداءات التي طاولت خطوط نقل التيار، أكد مواطنون أنهم فوجئوا بوصول فواتير تطالبهم بسداد مستحقات الكهرباء عن هذين الشهرين وبزيادة تقارب 200% عن الفترات السابقة، رغم انقطاع التيار بشكل كامل.

لكن مؤسسة الكهرباء اليمنية تقول إنها تعتمد في احتساب استهلاك الكهرباء، على قراءات العدادات، والتي تتم بصورة شهرية من موظف الشركة المختص، فيما أطلق نشطاء حملة تحت اسم "لن ندفع"، لرفض دفع فواتير الخدمات الحكومية المتردية.

ويقول محمد جميل، الذي يعمل موظفا في صنعاء لـ"العربي الجديد"، إن فاتورة شهر مايو/أيار فقط قفزت إلى 2500 ريال (11.6 دولارا)، بينما كانت لا تتعدى 900 ريال (4.2 دولارات) في مارس/آذار، رغم أن التيار لم يصلنا إلا لساعات محدودة خلال الشهر".

ومع تصاعد أزمة البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة في ظل الحرب التي تشهدها البلاد، بات مئات الآلاف من اليمنيين غير قادرين على تحمل أعباء المعيشة.

ويقول محمد خالد، الذي يقطن إحدى ضواحي العاصمة اليمنية في تصريح خاص، إنه خسر عمله بسبب الحرب، ولم يعد قادراً على دفع أي فواتير للخدمات العامة ، فكيف يدفع عن خدمات لم تصل إليه، متسائلا " هل هذه الفواتير مقابل الظلام الذي يلف المدن والمنازل اليمنية منذ شهرين ونصف؟".

وأطلق نشطاء في حركة يطلق عليها "مناضلون من أجل اليمن" حملة تحت عنوان "لن ندفع"، لرفض دفع فواتير الخدمات الحكومية المتردية، ومنها الكهرباء والماء والإنترنت.

وقال مسؤولون في الحركة إن الحملة تأتي تعبيراً عن الرفض المجتمعي لتدهور الخدمات الأساسية وغياب الأمن.

في هذه الأثناء، وضعت مؤسسة الكهرباء اليمنية شعاراً جديداً على فواتير تسديد الخدمة، التي تقدم إلى المواطن بشكل شهري، مع عبارة "الكهرباء خدمة تهمك فحافظ على التسديد للوفاء بالتزاماتنا واستمرار الخدمة".

وعبر مواطنون ونشطاء عن سخريتهم بما يحمله الشعار الجديد وخاصة عبارة "الوفاء بالتزاماتنا واستمرار الخدمة". وتؤكد الناشطة هبة عيدروس من مدينة عدن جنوبي اليمن أن "المستهلك يستحق التعويض عن الإخلال بتقديم الخدمة له والضرر الواقع عليه".

لكن مدير عام مؤسسة الكهرباء اليمنية، خالد عبد المولى راشد، يقول، إن المؤسسة تعتمد في احتساب استهلاك الكهرباء، على قراءات العدادات، التي تتم بصورة شهرية.
وأشار إلى أن بعض المشتركين عليهم متأخرات لأشهر سابقة متراكمة، ولم يسددوها بعد، وفي حال إيرادها في الفاتورة الشهرية يعتقدون بأنها غير حقيقية. ولفت إلى أن تراكم ديون فواتير الكهرباء، المستحقة للمؤسسة يشكل تحدياً رئيسياً وعائقاً أمام تقديم الخدمة، نافياً أي زيادة في الفواتير.

وأوضح أن إجمالي الديون المتعثرة للمؤسسة لدى الشركات والمؤسسات والوزارات والهيئات والأفراد تبلغ قرابة 79 مليار ريال (370 مليون دولار)، منها 39 مليار ريال لدى المواطنين و40 مليار ريال لدى مؤسسات الدولة. ودعا المشتركين إلى تقديم بلاغات وشكاوى في حال التأكد من أي خلل أو تلاعب في الفاتورة الشهرية، مشيرا إلى أن المؤسسة ستقوم بالتحقيق واتخاذ الإجراءات المناسبة والقانونية في حق أي موظف يخل بالعمل.

لكن سبق أن قال مدير عام الكهرباء في تصريحات صحافية منتصف يونيو/حزيران الجاري، إن جميع محطات توليد الكهرباء المحلية في المدن "توقفت عن العمل كليا"، بسبب نفاد الوقود، مشيرا إلى وجود مشكلة تتعلق بتأمين نقل الوقود من قطاع صافر النفطي بمحافظة مأرب شمال شرق اليمن إلى محطات توليد الكهرباء في العاصمة والمحافظات الأخرى.

وأكد أن الخسائر المالية، التي لحقت بالمؤسسة جراء الحرب تجاوزت 75 مليار ريال (349.6 مليون دولار)، منها 50 مليار ريال (233.1 مليون دولار) خسائر الأضرار، التي طاولت الشبكة الوطنية في محطات التوليد والتحويل وخطوط النقل، و25 مليار ريال (116.5 مليون دولار) فاقد مبيعات الطاقة الكهربائية وانخفاض الإيرادات. ولفت آنذاك إلى أن المؤسسة وصلت إلى مرحلة العجز فيما يتعلق بدفع الرواتب، مؤكدا "لم نعد قادرين على تغطية مرتبات موظفينا من عاملين وفنيين".

كما قالت وزارة الكهرباء، في تقرير رسمي الثلاثاء الماضي، إن الأضرار التي طاولت منظومة الكهرباء بسبب الحرب تمثلت في تدمير كامل لثلاث محطات تقوم بإنتاج 222 ميغاوات، وخروج محطة مأرب الغازية شرقي البلاد، التي تغذي الشبكة الوطنية بالكهرباء بنحو 340 ميغاوات، ما يعني أن 70.2% من إجمالي الطاقة متوقف.

وتولّد اليمن طاقة مقدّرة بنحو 800 ميغاوات، نصفها من محطة مأرب، بينما الاحتياج الفعلي للبلاد يبلغ ألفي ميغاوات. ويعاني اليمن بالأساس عجزاً في الطاقة، إذ لا تصل الكهرباء إلى نحو 60% من المناطق الريفية.

وأدت الفوضى الأمنية والأعباء المالية للحكومة إلى تدهور قطاع الطاقة. وكانت وزارة الكهرباء قد حذرت من التوقف التام لخدماتها بسبب الأزمة السياسية في البلاد.

ويقول أستاذ الأزمات بجامعة الحديدة، نبيل الشرجبي، إن ارتفاع فاتورة الكهرباء خلال الشهرين الماضيين يأتي بتوجيهات تلقتها المؤسسات والشركات الحكومية من جماعة الحوثيين بإضافة مبالغ على فواتير الكهرباء والمياه والاتصالات، دعماً لما يسمى "المجهود الحربي".

وتسيطر جماعة الحوثيين المسلحة على عدة مؤسسات بالدولة، بعد أن استولت على السلطة بالقوة منذ فبراير/شباط الماضي، فيما يشن تحالف عربي بقيادة السعودية ضربات جوية ضدها.

زر الذهاب إلى الأعلى