[esi views ttl="1"]
arpo28

القات.. "شجرة" أهلكت الحرث والنسل في اليمن

الحروب والقلائل الأمنية والفساد السياسي ليست وحدها مسؤولة عن تدهور الإقتصادي والاجتماعي لليمن، فباعتراف الجهات الرسمية فإن أكبر حرب تهلك الحرث والنسل وتنهك موارد البلد في الوقت الحالي، هي حشيشة القات زراعة وتجارة واستهلاكا فاق الحدود.

وفي حين لا تتجاوز ميزانية اليمن حاليا 9.5 مليار دولار، فإن اليمنيين ينفقون نحو 1.2 مليار دولار على نبتة القات كل عام، ووفق تقرير رسمي صدر الأربعاء، فإن هذه الشجرة أصبحت معضلة كبيرة تهدد الأمن الغذائي في بلد يصنف من أفقر بلدان العالم.

ويغرق اليمن في مديونية ضخمة تبلغ نحو 5.8 مليار دولار، وبإمكان ما يصرفه اليمنيون سنويا على القات أن يغطي جانبا كبيرا من فوائد هذه الديون، أو يسمح للدولة باستثمارها في إنشاء مشاريع ذات مردودية عالية تواجه نسب الفقر والبطالة المتصاعدة.

وتعترف الأوساط الرسمية بأن نشاط القات يشكل أكبر عوائق التنمية، بسبب ما يفرزه من مخلفات سلبية على مختلف الصعد.

وتشير دراسة أعدها الأكاديمي فتحي السكاف الشهر، مؤخرا، أن زراعة القات تغطي ثلثي المساحة المزروعة في اليمن وتشكل ضغطا متزايدا على الموارد المائية.

وتشير الدراسة نفسها إلى أن تخزين القات يتسبب في 20 مليون ساعة عمل ضائعة يوميا، إذ يترك الموظفون أعمالهم باكرا لشراء القات الذي يحتل مع السجائر المرتبة الأولى في سلم البضائع المستهلكة في المناطق الحضرية في اليمن. ويمكن للفرد أن ينفق ما بين دولارين و100 دولار يوميا على القات، بحسب جودة المنتج الذي لم ينجح معارضوه حتى الساعة في فرض أي تدبير يحد من انتشاره، بل إن العكس هو الذي يحصل مع تسجيل مزيد من الانتشار للقات بين النساء وحتى الأطفال.

ويجد المزارعون عوامل عدة مشجعة على زراعة القات، لأن زراعته سهلة وهو ينمو في عدة مواسم سنويا.

ويزرع اليمنيّون القات من ثلاث إلى أربع مرّات في السنة، كما تتزايد زراعته بنسبة 12 في المئة سنوياً، ففي العام 1997 كان هناك حو إلى ثمانين ألف هكتار من الأراضي مخصّصة لزراعة أشجار القات، ثم ارتفعت المساحة في العام 2000 لتصبح 103000 هكتار تقريباً، و123933 هكتاراً في العام 2005، واستمرّت المساحة بالاتّساع على مرّ السنوات.

وتروى أشجار القات بالطريقة التقليدية، حيث يتم إغراق الحقول بالمياه، مما يتسبّب في ضياع كمّيّات كبيرة من المياه. كما أن المزارعين يضطرّون إلى سحب المياه من الآبار وإيصالها إلى الحقول عبر السواقي، وبذلك يضيع الكثير منها في الطريق.

ووفقاً لبيانات الإحصاء الزراعي (حكومية) فإن إنتاجية اليمن من القات ارتفعت من 118 ألف و207 أطنان من مساحة مزورعة تقدر بـ122 ألف و843 هكتارا في عام 2004 لتصل إلى 165 ألف و668 طنا من مساحة 146 ألف و810 هكتارات نهاية العام 2008 .

وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية في تقرير عن (القات)، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى إيجاد آلية وبدائل لزراعة واستهلاك القات كظاهرة اجتماعية يومية مكلفة اقتصادياً، ومضرة صحياً وبيئياً.

ويشير التقرير إلى أن وزارة الزراعة اليمنية بدأت تتجه نحو تشجيع زراعة محاصيل نقدية كاللوز والبن، ومحاصيل أخرى كالعنب لتكون بديلا عن زراعة القات في المستقبل باعتبار زراعتها غير مكلفة مقارنة بزراعة القات التي تستنزف كميات هائلة من المياه اللازمة لري المحاصيل الزراعة خاصة الحبوب الغذائية والفواكه اللازمة للأمن الغذائي.

ورغم أن وزارة الزراعة تقول إنها تبذل جهودا كبيرة لإيجاد بدائل عن زراعة القات، إلا أن زراعته تشهد توسعا ملحوظا بمعدل 4- 6 آلاف هكتاراً سنوياً، ويستحوذ على أكثر من 30 % من المياه المخصصة للزراعة، فضلا عن ارتفاع إنتاجيته واستهلاكه خلال السنوات الأخيرة.

وتعبر العاصمة اليمنية صنعاء من أكثر المناطق المهددة بانخفاض مخزون المياه الجوفية بسبب إهدار كميات كبيرة منها في ري أشجار (القات) بشكل مستمر طوال العام، ناهيك عن كميات المبيدات المستخدمة في عملية رش أغصانها التي تسبب تلوثاً ومخاطر صحية وبيئية وخيمة.

ووفقاً لخبراء في مجال الري استند التقرير اليهم فإن أكثر من أربعة آلاف بئر في صنعاء فقط تستخدم لري القات، الأمر الذي أدى إلى انخفاض جداول المياه بمتوسط ثلاثة إلى ستة أمتار سنويا، ويحذر هؤلاء الخبراء من كارثة جفاف تهدد منطقة صنعاء بحلول عام 2015.

ويرى إقتصاديون أن القات رغم كونه عنصراً اقتصاديا وسلعة مربحة بالنسبة للمزارع حيث يعد أكثر المحاصيل الزراعية مدرة للدخل وعلى مدار العام ولأكثر من عدة مواسم، الإ أن البعض يعتبرونه سلعة مؤثرة على دخل الفرد كونه ينفق أموال طائلة على إقتنائه على حساب قوة أولاده وأسرته ويؤثر سلباً على الدخل ويعد أحد عوامل زيادة الفقر في اليمن بحسب تقارير دولية وأبحاث علمية .

ويعد القات نشاطا اقتصاديا هاما لنسبة كبيرة من السكان تتراوح ما بين 20-30 بالمائة، وبفعل عائداته الكبيرة فقد ارتفعت نسبة العاملين في زراعته إلى أكثر من 24 بالمائة من إجمالي قوة العمل في قطاع الزراعة.

وتقدر عائدات الهكتار الواحد المزروع بمحصول القات أكثر من ثلاثة ملايين ريال خلال العام 2005، مقارنة بـ600 ألف لعائدات الفواكه من انتاجية الهكتار، و500 ألف ريال لعائدات الهكتار الواحد من محاصيل الخضروات .

كما يعتبر القات من أبرز العوامل التي تساهم في زيادة المشاكل والتفكك الأسري والفوضى في المجتمع، لكنه يعد آلية ووسيلة لحل الكثير من الخلافات في مجالس القات ويقوي العلاقات ويوطدها بين الناس .

يشار إلى أنه في العام 1973 أدرجت منظمة الصحة العالمية القات ضمن قائمة المواد المخدّرة، بعدما أثبتت الأبحاث احتواء نبتته على مادتين مخدرتين، هما (نوربسيدو فيدرين) و(الكاثيين) واللتان تؤثران على الجهاز العصبي.

ويعد تناول نبتة القات في اليمن سبباً رئيسياً لظهور الكثير من الأمراض لا سيما السرطانية والمستعصية نتيجة الرش العشوائي للمبيدات الكيميائية على أغصان القات فتصبح أحد مكوناته الأساسية.

وتؤدي المخلفات (الأكياس البلاستيكية التي ترمى بعد استخدامها في تعبئة القات وحفظه) إلى طرح مشكلة لا تقل خطورة تتمثل في تلويث البيئة، ناهيك عن العبوات الفارغة من قوارير المياه والمشروبات الغازية التي يقبل متعاطو القات على تناولها واستخدامها مع مضغ القات مما يترتب عليه تلوثا بيئياً وقد تشكل بؤرة لتكاثر البعوض وانتشار الأمراض .

زر الذهاب إلى الأعلى