[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

الشباب اليمني يصارع الموت لأجل الحياة

عقيل شمسان (24عاماً) يستعد لإنجاز مشروع تخرجه من كلية الإعلام في جامعة صنعاء خلال الأيام المقبلة، لكنه يشكو معاناته ويقول بأنه لم يعد أمامه سوى خيار" الجنون أو الموت".

يعبر عقيل بذلك عن معانات الآلاف من الشباب اليمني، ويمضي متحدثاً بغصّة عميقة:"أكملت دراستي الجامعية بعد أن أكلتْ حتى عظمي، لا فائدة من البقاء، أنا أحب الحياة لكنها تبادلني بعكس ذلك، أشعر بأن القدر ظلمنا كثيراً نحن الشباب اليمني ولا أدري لماذا؟ هل السبب أن أباءنا صوروا لنا المستقبل عكس ما نراه اليوم؟ أم هو حظنا أننا وُجدنا في هذا البلد؟".

هذا القلق والإرباك ليس خاصاً بالطالب عقيل وحده، لكنه أصبح إحساساً سائداً في نفوس الكثيرين من الشباب اليمني، الذين يفتشون عن مستقبل لأحلامهم الجميلة، بالعيش والتعلم وسط ركام الصراعات ومتاهات السياسة.

يعيش اليمن ظروفاً اقتصادية معقدة للغاية، وتتزايد يومياً مخاوف الشباب من المستقبل المجهول الذي ينتظرهم، وأكثر ما تتقافز إلى أذهان البعض منهم هذه الأسئلة: "إلى متى سنظل ندفع ثمن اضطرابات الحروب، ألا يكفي ما فعله بنا نظام علي عبد الله صالح قبل ثورة 11 فبراير 2011 وأثناءها؟".

يظهر ذلك جلياً في عيون الصحافي الشاب هشام طرموم، الذي أنهى دراسته الجامعية، ويرهقه التفكير بتكاليف الاستقرار والزواج بشريكة حياته. وأشار إلى أن الأوضاع الحالية للبلاد تؤثر على نفسيته وطموحاته بشكل سلبي، وأصبح يتخوف كثيراً من المجهول، ويكاد يفقد الأمل، مستبعداً أن يعود الوضع إلى حاله الطبيعي في البلاد.

[b]الثورة بين الحل والمشكلة[/b]

" كأن دور الشباب اقتصر على أن يحرسوا ساحات الثورة ثم يموتون"، هكذا يرمي البعض كل لومهم على الشباب الذي انساق وراء أحلامه بالتغيير واصطدم بالفشل، كما يحملونه مسؤولية كل ما وصلت إليه الأوضاع على خلفية مبادرتهم في الخروج للثورة قبل ثلاث سنوات.

إلا أن القيادية في الثورة الشبابية توكل كرمان، والحائزة على جائزة نوبل للسلام، تبرئ الشباب، وترد على ذلك مؤكدة "أنهم لا يتحملون مسؤولية الأزمات والكوارث والإخفاقات التي يصنعها تآمر المتآمرين وفشل الفاشلين وخذلان المتخاذلين"، وتقصد قيادات الأحزاب السياسية. ولا تكتفي كرمان بالإشادة بهم ولكنها تراهن عليهم أيضاَ في إيجاد الحل وإكمال المشوار حتى يتحقق الحلم ويسقط الانقلاب الحوثي والثورة المضادة.

ولا يخفي بعض الشباب حقيقة أنهم أكثر من يدفعون ثمن مشاركتهم في ثورة فبراير2011، ولكنهم يقولون بأنهم يدفعون ثمن أخطاء لم يرتكبوها بأيديهم، بقدر ما ارتكبها كهول السياسة بحسب ما يراه المنشد طارق البناء أحد الشباب الذي اختار الثورة والتغيير، على الرغم من كل ما حدث ويحدث، يؤكد بأنه لن يفكر بالاستسلام.

[b]مشاكل ومخاوف[/b]

لا يقتصر هذا الأمر على الشباب فقط، فمثلما كانت المرأة اليمنية تحلم بالحياة والمستقبل الجميل أصبحت اليوم قلقة على مستقبلها. فلا تستبعد الصحافية الشابة وئام الأكحلي أن تتم مصادرة حقوق الفتاة اليمنية خلال الأيام المقبلة، وأن تحرم من حقها في التعليم والعمل، وربما حقها في الخروج من المنزل.

ولعل من بين الأسباب التي أوصلت وئام إلى هذا الشعور، حادثة اختطاف شقيقتها الأصغر من قبل الحوثيين، ثم الإفراج عنها، لمجرد أنها استشعرت دورها في الدفاع عن الوطن وأحلام النساء اليمنيات، وقررت الخروج للتظاهر للتعبير عن موقفها أسوة بالشباب اليمني الرافض لجماعة الحوثيين.

تتفاقم المشاكل لدى الشباب اليمني، ومن أبرز أسباب ذلك ارتفاع معدلات البطالة في أوساطهم، حيث تفيد الإحصائيات الرسمية إلى نمو معدل البطالة بنسبة 37 في المئة بين حملة الشهادات الجامعية. وتوقعت دراسة مختصة لعددٍ من الخبراء والاستشاريين أن تصل النسبة إلى 53.5 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة بين خريجي الجامعات.

كما أشارت الدراسة إلى أن نسبة 52 في المئة من الشباب ليس لديهم أعمال أو مصادر للدخل، ما يعني أن شرائح كبيرة مثل الطلاب، وربات البيوت، والعاطلين عن العمل، يعتمدون على أشخاص آخرين لإعالتهم.

وبينت أن العاملين في مهن خاصة يشكلون نسبة 28.37 في المئة، تليهم شريحة العاملين في القطاع الخاص بنسبة 25.84 في المئة، ثم الموظفين في القطاع الحكومي بنسبة 16.31 في المئة، وجميعهم يعيشون وضعاً مأساوياً، كما أن العاملين في القطاع الخاص عرضة للاستغناء عن خدماتهم والطرد بأية لحظة دون الحصول على أية حقوق تذكر.

كل هذه الأسباب تدفع بعض الخبراء والمحللين إلى التحذير من انخراط الشباب اليمني في صفوف الجماعات المسلحة – الشباب – القاعدة – وتدارك ما يمكن إدراكه.

[b]القادم المجهول [/b]

كمن يتخبط في الرماد، يبدو الحديث عن مستقبل الشباب اليمني، فمن باب المقاربة يلخص محمد العمراني المشكلة بتوصيف دقيق بقوله: "نحن الشباب صرنا خارج المعادلة، لست أعلم إذا ما كنت لا أزال شاباً، لأني أرى نفسي كهلاً حين أنظر في وجوه رجال السياسية، نحن فقط يصدق علينا وصف "التيس المستعار" ذلك الذي يقوم بدور المحلل لتصفية حساب قديم.

ويستطرد "لهذا السبب خرج الشباب من المعادلة واقتصر دورهم في متابعة لعبة القمار بين كهول السياسة، وننتظر منهم صناعة المعجزات وابتكار الحلول لنفس المشاكل التي أغرقونا فيها".

ويبقى السؤال ما الحل إذاً؟ يجيب العمراني "هذه البلاد بحاجة إلى أن تمحو ذاكرة الأمس، وأن تفرز جيلاً نظيفاً لا يحمل الحقد، وهذه هي المبادرة المستحيلة والتي سندفع ثمنها نحن من قوتنا وأجسادنا وتعليمنا وقدرتنا على الحياة".

زر الذهاب إلى الأعلى