[esi views ttl="1"]
arpo28

جنوب اليمن بعد الانقلاب الحوثي

دفع الانقلاب الحوثي على الدولة اليمنية ومؤسساتها في صنعاء، خلال الأيام الماضية، قضية الانفصال في جنوبي البلاد إلى الواجهة من جديد، بعدما بات واضحاً لدى بعض الأطراف الجنوبية التي تحالفت مع جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) أن الأخيرة ترفض المطالبات بالاستقلال.

وترجمة لهذه القناعة، خرجت تظاهرات أمس الخميس في عدد من مناطق جنوب اليمن، في ما سُمي بيوم الأسير الجنوبي، طالب خلالها المتظاهرون بالانفصال ووحدة الصف وعودة القيادات الجنوبية، ومنع دخول الحوثيين إلى الجنوب.

ومع أن مساعي الحوثيين، للانقلاب على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، أوجدت غضباً جنوبياً واسعاً، إلا أنها كانت طريقاً للتضامن، نتجت منها انتفاضة على مختلف الأصعدة والمستويات، شعبياً وسياسياً، ما دفع إلى إغلاق المجال الجوي لإقليم عدن، وسيطرة اللجان الشعبية الجنوبية على مختلف المرافق والمؤسسات الحكومية، الأمنية والمدنية والاقتصادية للإقليم.

وبادر الحراك الجنوبي إلى المشاركة في الأمر، وخرجت تظاهرات لا تزال مستمرة، تندد بالحوثيين، وأُحرقت صور زعيم "أنصار الله" عبدالملك الحوثي، لا سيما بعد رفضه في خطابه الأخير، أي حلول خارج الوحدة اليمنية، وكذلك رفضه لمشروع الأقاليم، سواء مشروع الستة منها أو مشروع الإقليمين.

هذا الأمر زاد من احتقان الشارع الجنوبي، وولّد إحباطاً من نتائج التحالفات، التي كانت تقيمها بعض الأطراف الجنوبية، مع جماعة الحوثيين، على أمل أن تساعد الجماعة في إعطاء الجنوبيين مطالبهم، الحقوقية والسياسية، وهي التي كان يرددها الحوثيون، حتى الخطاب الأخير لزعيمهم.

وتقول بعض الأطراف الجنوبية، إن هذا الأمر كان صادماً للكثير من الجنوبيين، الذين اعتبروا أن الحوثيين أقاموا تحالفات مع بعض القوى الجنوبية، وجعلوا القضية الجنوبية وسيلة لهم، وجسر عبور ليتمكّنوا من السيطرة على الحكم، ووضعوا القيادات الجنوبية المتحالفة معهم في موقف حرج أمام الشارع الجنوبي.

هذه التداعيات، على الرغم من اعتبار البعض أنها سلبيات رافقت الجنوبيين وقضيتهم، إلا أن الكثيرين رأوا أنها إيجابية، كونها كشفت النقاب عن آخر الوجوه في الشمال، التي كان بعض الجنوبيين يرون أنها ستكون أكثر إنصافاً من غيرها من القوى السياسية في صنعاء.

لكن الأمر الأكثر تصعيداً، هو ما جرى في إقليم حضرموت، الذي يضم ثلاث محافظات، هي حضرموت وشبوة والمهرة، إذ أعلنت اللجنة الأمنية فيه إغلاق المجال الجوي والموانئ والمنافذ البرية للإقليم، أمام ما سمّته العناصر الإرهابية والمجرمين، التابعة للمتمردين الحوثيين، وعدم السماح لهم باستخدامها، وذلك لتأمين المواطنين وحفظ سلامتهم. وقد بدأ تنفيذ هذه القرارات صباح أمس الخميس.

وأكدت اللجنة تمسّكها بالشرعية الدستورية ممثلة بهادي، محمّلة الحوثيين مسؤولية المساس بكل الرموز الشرعية، بمن فيهم إضافة إلى هادي، رئيس الوزراء خالد بحاح، ومدير مكتب الرئيس أحمد عوض بن مبارك، وكل القيادات العسكرية والمدنية، متهمة الحوثيين بالإرهاب، ومعتبرة أن ما يحدث في صنعاء هو عملية إرهابية تقوم بها جماعة الحوثيين.

وتأتي هذه الخطوة التصعيدية من قِبل إقليم حضرموت، بعد خطوة سابقة هي إيقاف إنتاج وتصدير النفط في الإقليم، الذي يمثّل أكثر من 70 في المائة من ثروات اليمن، وتعتمد عليه الميزانية الحكومية بدرجة رئيسية.

ويُعدّ هذا التصعيد الذي بدأ في إقليم عدن ووصل إلى إقليم حضرموت، الأخطر نتيجة لما يمثّله على الحياة العامة لليمن، بما فيها صنعاء، وبدأت مظاهره من خلال ملامح أزمة مشتقات وقود خانقة.

ويقول مصدر في شركة النفط اليمنية لـ"العربي الجديد" إن الأوضاع السياسية وإيقاف إنتاج وتصدير النفط، قد توقف حركة العمل والاقتصاد برمّته.

كما أن أغلب شركات الطيران الدولية، ألغت رحلاتها إلى مطارات في الجنوب، فيما المئات من اليمنيين عالقون في عشرات المطارات الدولية على خلفية هذه القرارات، وفق ما أعلن مدير عام النقل الجوي في اليمن، مازن أحمد غانم، معتبراً في أحاديث صحفية أن فرض قرار الإغلاق، هو حصار غير مبرر للمحافظات، ومنع لأبنائها من حرية التنقل، داعياً الرئاسة إلى التدخل.

ويبدو أن هذا الأمر لقي صدى مع الاتفاق بين الرئاسة اليمنية والحوثيين مساء الأربعاء، إذ ذكر مصدر في السلطات المحلية لإقليم عدن لـ"العربي الجديد" أن اللجنة الأمنية في الإقليم، بادرت صباح أمس الخميس إلى إعادة فتح المنافذ البحرية والجوية أمام الملاحة.

لكن الشارع الجنوبي بات ينظر إلى ما يجري بشيء من اليأس، في وضع صعب كما تؤكد قيادات في الحراك، بعد أن باتت كل تضحياته تذهب بين رغبات المصالح السياسية للأطراف، بما فيها القيادات الجنوبية، على الرغم من أن البعض يعتبر أن الأحداث تدفع بالجنوبيين إلى وحدة الصف، من أجل فك الارتباط وإقامة الدولة الجنوبية، لا سيما مع التقارب الكبير في وجهات النظر بين بعض القوى السياسية الجنوبية، بما فيها تلك القابعة في السلطة، التي باتت على يقين أن استمرار الوحدة لم يعد ممكناً، وبالتالي يرى الشارع أن هذه الأحداث كانت إيجابية من هذه الناحية.

زر الذهاب إلى الأعلى