[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

الحواجز الخرسانيّة تُحاصر أهالي صنعاء

لا يكاد يخلو شارع رئيسي أو فرعي في العاصمة اليمنية صنعاء من الحواجز الخرسانية التي باتت تُسبّبُ إزعاجاً للمواطنين، وتؤثّر في حركة السير.

ودفعت العمليات الإرهابية المؤسّسات الحكومية والسفارات والمجمعات السكنية إلى إحاطة مقارها بحواجز خرسانية للحد من احتمالات اقتحامها. ويجد المارة وسائقو السيارات أنفسهم مجبرين على سلوك طرق طويلة للوصول إلى مناطقهم، بسبب الحواجز والكتل الخرسانية هذه.

ويقول سليم محمد (45 عاماً)، أحد سكان مدينة سعوان في العاصمة لـ"العربي الجديد"، إنه "على خلفية الهجمات المتكررة التي تعرضت لها السفارة الأميركية، لجأت بالتنسيق مع أمانة العاصمة إلى قطع شارع بأكمله من الجهتين بواسطة الحواجز الإسمنتية، ما اضطرني إلى سلوك طرق مختلفة للوصول إلى بيتي".

بدورها، توضح أمل عبد الله (طالبة ثانوية) أنها "تضطر يومياً إلى قطع مسافة طويلة سيراً على الأقدام حتى تصل إلى مدرستها، بعدما كان الأمر يحتاج منها لدقائق قليلة قبل قطع الطريق من قبل السفارة الأميركية".

أما وهيب الأغبري، الذي يملك متجراً في حي بئر بن الحجاج في منطقة حدة، فيقول بحرقة: "استبشرنا خيراً بعد انتقال السفارة الهولندية إلى حيّنا، لكن لم نكن ندري أن وجودها سيسبب مشاكل عدة، وخصوصاً بعد إغلاق جميع منافذ الحي بالخرسانات، باستثناء مدخل وحيد يجري فيه تفتيش الداخلين والخارجين بشكل دقيق ومستمر".

يضيف الأغبري أن "هذه الحواجز أثّرت في عملي بعدما انخفضت نسبة المبيعات إلى النصف. وعندما فكرت ببيع المحل والانتقال إلى مكان آخر، لم أجد من يشتريه. فقد أصبح مشروعاً غير ناجح".

ويلفت إلى أن "السفارة تكتفي بالإشارة إلى امتلاكها تصريحاً من أمانة العاصمة عندما نحتج". تحصين المنازل لا يتوقف الأمر عند لجوء السفارات والمنشآت الحكومية والعسكرية إلى مثل هذه الوسائل لتأمين الحماية لمقارها وللعاملين فيها.

إذ إن عدداً من الشخصيات السياسية والأمنية بات يلجأ إلى وضع الكتل والحواجز الخرسانية عند مداخل المنازل ومحيطها تحسباً لحدوث هجمات قد تطالهم أو تستهدف أسرهم.

وكتب الإعلامي صادق العواضي، على صفحته على "فيسبوك"، عن قيام أحد جيرانه، وهو أكاديمي في جامعة صنعاء وسياسي معروف، ببناء حواجز خرسانية على جانبي الشارع الممتد أمام منزله الكائن في حي التحرير بالعاصمة.

ويقول لـ"العربي الجديد" إن "هذه الظاهرة هي امتداد لحالة الفوضى التي يعيشها اليمن"، لافتاً إلى أن "الطريق هو ملك عام، وقطعه بالحواجز يدل على انهيار القيم والأخلاق وغياب القانون والدولة".

أما الطالب في جامعة صنعاء عبد العليم أحمد، فيفسر سبب قيام بعض النافذين بقطع الطرقات ب"الرغبة في التباهي".

في المقابل، ترى الجهات الأمنية أن الحواجز الخرسانية تهدف إلى حماية المنشآت والشخصيات السياسية والدبلوماسية المتواجدة في اليمن.

ويقول الضابط في شرطة السير أحمد صالح القدمي إن "غالبية بلدان العالم تلجأ إلى هذه الوسيلة الأمنية لحماية مؤسسات الدولة". وعن تزايدها في اليمن، يوضح لـ"العربي الجديد" أن "ذلك منوط بتدهور الحالة الأمنية بعد أحداث فبراير/شباط 2011، واستجابة لطلب شخصيات دبلوماسية من دول شقيقة وصديقة لحماية مقار سفاراتها أو منازلها".

ويؤكد القدمي أن "حالات قطع الشوارع الكبيرة بالحواجز الخرسانية محدودة، وتقتصر على دار الرئاسة والسفارتين الأميركية والبريطانية"، مشيراً إلى أن "إدارة شرطة السير بالتنسيق مع الجهات المعنية لا تقوم بأي إجراءات إلا بعد إيجاد بدائل للمواطنين".

من جهته، يقول المهندس في وزارة الأشغال العامة والطرقات محمد القزحي، إن هذه الحواجز "تقيمها الوزارة بناء على طلب أمانة العاصمة، وخصوصاً أنه يصل ارتفاع بعضها إلى أكثر من مترين، وتستلزم إعلان مناقصات لتنفيذها".

أما أمانة العاصمة، فتؤكد لـ"العربي الجديد" أن مثل هذه الخطوات "لا يتم تنفيذها إلا بعد دراسة ميدانية ومتابعة خرائط الطرقات لإيجاد حلول تقلل من أثرها على سكان المناطق التي يتم فيها وضع مثل هذه الحواجز".

بدوره، يشير المهندس محمد أحمد، وهو أحد العاملين في أمانة العاصمة، إلى أن "الحواجز قد لا تكون الحل الأنسب. لذلك يجري أحياناً إقامة مطبات قرب المناطق التي قد تتعرض لهجوم". ويبقى من يرى في هذه المشكلة فائدة له، على غرار مروان محمد، وهو سائق سيارة أجرة. يقول مبتسماً إن "هذه الحواجز تجعله يطلب من الزبائن أجراً أعلى".

زر الذهاب إلى الأعلى