[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

فأصلحوا بين أخويكم

تمر الأمة العربية اليوم بحالة لا يحسد عليها من خلافات وصراعات اتسمت بالشخصنة، وتمثلت في الحرب الإعلامية والحروب النفسية وتبادل الاتهامات والتحريض أدت إلى وجود فجوة كبيرة وعداء تطور إلى القتل وسفك دم المسلم المحرم، وإذ يرى الإنسان يومياً أخبار القتل والدمار لا نريد أن نشرح ذلك، فالكل يشاهد ويسمع اليوم وليس كالماضي، ولكن استمرار هذه الحالة ومحاولة انكار مخاطرها ومعالجة ذلك بالعناد ورفض القبول بالشراكة والعمل ضمن المؤسسات.

وللأسف إن إدخال العوام في مثل هذه القضايا يؤدي إلى الفتن، وقد رأينا تعدد الفئات والجماعات والقيادات والكل يصارع تحت مسميات مختلفة، إما تحت تيار القبلية أو العرقية أو المذهبية أو الطائفية والدينية، وكلها تخدم جهات داخلية وأطماع خارجية. وهذه الأمة التي تقف أمام مطامع الأعداء استطاعت بفضل ساستها تحقيق أهداف أعدائها من خلال الأنانية والحمق لدى عدد كبير من القائمين على توجيهها من كافة النواحي، واليوم نرى أن القوة لم تعد حلاً للمشاكل، بل تزداد سوءا. فنحن نرى الأزمات الاقتصادية والأضرار الناجمة عن الاحتقان. فلو نظرنا إلى العراق نرى الإصرار على تهميش الفئات الأخرى ودفع الحكومة وطهران الذين يصرون على إنهاء السنة والقبائل العربية بهدف الوصول لضم أجزاء من العراق لإيران، ولكن هذا المنهج يستحيل قبوله مما أدى للصراع والعنف المتبادل واستنزاف طاقات البلاد، وكان الأولى لو وجدت قوى مؤثرة للضغط من خلال الإصلاح لذات البين لإقناع الأطراف المعنية بالتعايش ورفض التدخل الخارجي وإشراك جميع الأطراف بإدارة البلاد وليس هناك حلاً غيره سوى الدمار والخراب.

وفي اليمن إصرار الطائفيين من الأحزاب الشيعة المتطرفة بتنفيذ أجندة إيران والسعي بالقوة والإصرار على فرض الهيمنة بالموت والدمار وصمت الدولة واكتفائها بالتهديد العاجز وتجاهل الأحزاب حرصاً على المحاصصة والمناصب، وكذلك الجماعات المتطرفة التي تقتل وتسفك الدم الحرام والسعي لإسقاط الدولة لجعل اليمن قاعدة لتصدير الإرهاب وعدم أخذ هذا المخطط على سبيل الجدية، وإدراك مخاطره وكذلك الدعوات لتمزيق اليمن. كل هذا مع تدمير الخدمات اليومية كالكهرباء والغاز، وصمت الجميع وعدم وجود قوى سلام وإصلاح ذات البين على اساس الدستور وهيمنة الدولة وبسط نفوذها ورفض القوة والتدخل المعادي.

وهذه مصر لا زالت الأطراف تستمر في الصراع، فالدولة تصر على أن السجون والمحاكم والقمع هي الحل. وهذه المظاهرات تصر على أن ذلك هو سبيل التغيير، ويلعب الإعلام دور في التصعيد والشيطان المسمى شبكات التواصل الذي ليس له حل سوى الإثارة وتحريض الجميع والوضع الاقتصادي الحرج والبلاد تسير نحو الهاوية ودخلت جماعات متطرفة تخدم أجندة لتهميش دور مصر للحفاظ على أمن إسرائيل، ولأول مرة تدخل الجماعات المسلحة إلى مصر للأسف الشديد.

وهذه ليبيا دولة فيها خير كثير تدمر فيها محطات الكهرباء وأنابيب النفط، ويتم مثلما يجري في اليمن ومصر وكأن الأستاذ واحد، والمصدر واحد الهدف منه الإثارة والتمزيق.

وهذا السودان يواجه نفس المشكلة، وانظروا إلى عواقب الانفصال من تقرير المجاعة في جنوب السودان وهجرة أهلها ليس من جيش السودان وإنما من ثرى السلطة، فماذا بعد ذلك وإدخال الفتنة إلى المقاومة السورية ومحاولة إفسادها بالجماعات المتطرفة لعرقلة حل المشكلة والآن ما هو المخرج من هذه الفتنة التي عملت والتي وصلت إلى صراعات بين الدول وخلافات كبيرة ودور الإعلام وشبكات التواصل إلى التصعيد والخروج عن اللباقة وآداب الحوار، هذا الشبكات والمواقع والقنوات اليوم أصبحت تدعو لإيقاد نار الفتنة وإشعالها. ولا نرى من يدعو للإصلاح وجمع الشمل ووأد الفتنة. لقد كان في السنوات الماضية نجد لجان مصالحة وقمم عربية للمصالحة ولجان شعبية من العلماء والمفكرين ورجال القبائل وأهل الحكمة، فهل غابت هذه عن أمتنا.

وليس لنا الآن سوى أن تتحرك دول للإصلاح بهدوء وصمت وإصلاح ذات البين، واقترح لو أن رئيس القمة العربية الحالي يقوم بدور للمصالحة بدون يأس بل مثابرة وإصرار ومتابعة كما في الماضي. وكذلك دور منظمة التعاون الإسلامي، وإشراك الدول الإسلامية في الإصلاح وجمع الشمل، وكذلك القيادات الشعبية الإسلامية والعربية والاتفاق على منع ثقافة التحريض والكراهية وإثارة الفتن وجمع الأطراف المعنية لتقديم تنازلات للصالح العام والعفو والتسامح والتصافح والتمثل بالآية التي أمر الله بها بإصلاح ذات البين وسماهم أخوة فأصلحوا بين أخويكم، لذا لابد من تجاوز الخلافات والقبول بالحوار والمشاركة، ورفض العوامل التي تدعو للتفرقة والتمزق والطائفية والعرقية، والتمسك بالوحدة الوطنية، لابد أن يقوم بذلك رئيس القمة العربية وكذلك منظمة التعاون الإسلامي،

إضافة إلى دور رابطة العالم الإسلامي باختيار لجنة مصالحة إسلامية بمباركة من الدول الإسلامية وذلك حقنا لدماء المسلمين ووحدة كلمتهم، وحفاظا على مصالح الناس لأن المعاندة والمكابرة وإصرار أي طرف بفرض رأيه وبرنامجه بالقوة لن يوصل إلى حل، والبلاد والأوطان ملك للجميع وفق الوسائل الشرعية، ولإثبات حسن النية، يتم الإصرار الشامل على العفو الشامل عن المختلفين وتجاوز الماضي، وليس هناك مخرج سواه وهو ما تشهد به البشرية على مدى التاريخ.

زر الذهاب إلى الأعلى