[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

قمة الانحياز!

أعتقد ان نجاد في حالة يرثى لها جراء حضور مرسي قمة عدم الانحياز التي تحتضنها بلاده وخطفه الاضواء.. لكن الملاحظ على خطاب مرسي ونجاد معاً انهما قاما بتحويلها إلى قمة انحياز. والاخطر انه ليس انحيازا سياسيا دوليا فقط كما كان في السابق عندما تأسست حركة دول عدم الانحياز بسبب الصراعات السيئة للمعسكرين الشرقي والغربي وتجاذبات العالم بينهما -بشيء من القسر ايضا -وصولا إلى تشكلات مراحل انهيارات السلم العالمي.

فالانحياز الجديد في المنطقة على الاقل صار يتشكل حثيثا بعد حدث الثورات العربية كانحياز طائفي بإرادة اسلامية مسبقة في كثير من تمظهراته للاسف.

صحيح ان الدور المعول على الحركة انتهى منذ أكثر من ثلاث عقود وليس من دور حقيقي لها الآن لكننا لا نغفل ايضا استمرار بقاء الولاء لأمريكا ولروسيا ولو بمصالح جديدة اكثر براجماتية وانانية.

كذلك اراد نجاد تذكير العالم بهوية بلده الدينيه تلميحاً بينما فعلها مرسي من منطلق مذهبيته بالمقابل رغم ان مصر ليست الاخوان فقط كما نعرف وهو في منصب رئيس.

حملت الكلمتان اتجاهات التوترات في مسار المستقبل الاقليمي اثر الثورات حتى لم يعد خافياً ان المنطقة بين المعسكرين السني والشيعي بل يمكننا القول ان انفعال مرسي ونجاد ضبطهما متلبسين بالانحياز في قمة لا انحيازية كهذه حسب المفترض. وهنا المفارقة.

غير ان هذا لايليق عموماً بأعراف الحياد الدولي التي تحث عليها القمة ومفهوم السياسات الدولية المشتركة كمان.

بشأن سوريا فإن المرجح ان واقع الثورة السورية الاشكالي هو مافرض على مرسي ماقاله تضامنا معها ولقد تعمد خامنئي ونجاد عدم ذكر سوريا ابدا في كلمتيهما.. وبالطبع اجدني هنا احيي مرسي ليس من موقع تمثيله لمصر واهميتها فقط وانما من زاوية وجوب مناصرة الثورة السورية اخلاقيا بعيدا عن اية اساس طائفي ثم ان كلمته في إيران لها اهمية كبيرة بصفتها أهم داعم للاسد.

على ان الجميع يدركون ان مصر ليست بتأثير مباشر الآن في مجريات الاحداث في سوريا ولو ان مرسى بدا كما لو يؤازر قطر وتركيا والسعودية الدول السنية الداخلة بشدة بمقابل إيران الشيعية في تحديد ماتؤول اليه الامور في سوريا من توتير طائفي بنزعات مرفوضة اصلا لدى الثوار السوريين ذوي الاحلام الوطنية الذين وجدوا انفسهم مكرهين بسبب نظام بشار البشع يخوضون حالة صراع مسلح خطير لنا ان نخشى من تبعاته في ظل مصالح اقليمية ودولية ملوثة ما يجعل سوريا وحدها تدفع الثمن باهظاً خصوصاً وليس من شيء حقيقي حتى الآن يحد بشار عن جنونه الرهيب.

كان مرسي موفقاً تماماً وهو يطالب " بترجمة التعاطف مع الشعب السورى برؤية سياسية واضحة تدعم الانتقال السلمى للسلطة في سوريا بما يعكس من رغبات الشعب السورى في الحصول على حريته والعدالة والمساواة ويحفظ لسوريا الدخول في دائرة الحرب الاهلية أو هوية التقسيم ".. لكنه لم يكن موفقاً تماماً في اعتباره ان ثورة يناير حققت هدفها السياسي بنقل السلطة إلى حكم مدني ، إذ ينطوي هذا الكلام -ولو اننا سنعتبره نكاية بإيران الاسلامية مثلاً- على مراوغة وتبسيط مسطح لهدف الثورة العميق بل لاهداف الثورة الاستراتيجية التي لم تتحقق يعد.

خلافاً لماسبق فإن مفاجأة اليوم الحقيقية تكمن برأيي في اشادة مرسي بعبد الناصر خصوصا انه 29 اغسطس الذي يصادف ذكرى رحيل سيد قطب !

والواضح-في هذا السياق- ان لياقة ضرورة التع إلى على الارث الصراعي المعروف بين الاسلاميين وعبد الناصر تغلبت على مرسي هنا - في لحظة كهذه حيث الاخوان صاروا في الرئاسة وهم الآن في عقر دار إيران عدوة الاخوان اللدودة- فكانت الاشادة بمصر عبد الناصر ولو على مضض أي على خلفية ان حركة دول عدم الانحياز هو من اسسها وبالتأثيرية الرمزية التي كانت لمصر طبعاً ماتقصده مرسي في ابراز مكانة مصر خلال مرحلة الثورات الاولى آخذا في اعتباره فقط ان مصر أول دولة صارت برئيس اخواني بفضل الثورات العربية الجديدة.

على ان احد ملاعين السخرية علق على ذلك بالقول ".. ومن اسبوعين كان مرسي في جدة لحضور قمة التعاون الاسلامي واللي برضو اسسها عبد الناصر.. ومن اربع اسابيع كان في اثيوبيا لحضور قمة المنظمة الافريقية الي اسهها عبد الناصر.. اسمعك تاني يامرسي تقول وما ادراك ما الستينات ؟ حيكون كلام تاني "..

ويبقى السؤال المهم قائماً:
هل لايزال الاخوان على موقفهم التاريخي من عدم الاعتراف بإسرائيل؟
الاجابة البديهية غير الصادمة سنراها لاشك في قادم الأيام القريبة القريبة جدا، ولا ننسى ان القضية الفلسطينية نالت اهتماما كبيرا في كلمة مرسي الذي اكد ايضا انها منذ بداية حركة عدم الانحياز على رأس أولويات مصر!

زر الذهاب إلى الأعلى