[esi views ttl="1"]

محنة اليمن والإعلام العربي

في ظل الأزمة التي يمر بها اليمن وسير هذا البلد نحو دولة فاشلة وحرب أهلية، يعالج الإعلام العربي ذلك بسطحية ساذجة وفيه شيء من التهريج والإثارة فقط وليس معالجة حقيقية.

فهناك قنوات تستضيف أشخاص يستخفوا المشاهد ويظنوا أنهم أذكياء. إعلام الحكومة اليمنية اختفى وصمت وأصابه الخرس، وكان الأولى لوزير الإعلام أن يتقدم باستقالته لعدم قدرته الدفاع عن هوية بلده ودينها وعقيدتها وكيانها أمام التتار الجدد. تركوا المجال لأشخاص يتلاعبوا بالموضوع، أشخاص يدربهم حزب الله ويلقنهم ما يقولوا ولا يخرجوا عن النص .

ولذا فإن القحوم والبخيتي وغيرهم ومعجب الذي أرسلوه للبنان وهو لا يحلم يسافر لها ووفروا له كل المغريات والأموال. هؤلاء يا إعلامنا العربي تم اختيارهم ودفعت لهم الأموال وكلفوا بأن يكونوا هم الناطق باسم الحوثيين وأسيادهم لأن المطلوب هو تمييع القضية وتشتيت الأفكار، وعند الحوار معهم يضيعوا وقت المذيع في نقاشات وجدال بعيد كنوع من الاستخفاف بالمذيع والمحاور الذي نراه يسعر بالضيق والانفعال عند الحوار لأن القنوات العربية لم تتخذ قراراً بعدم إضاعة الوقت والرحمة بالمشاهدين من هذه الوجوه التي أصبحت مملة وتبعث على الغثيان والاكتئاب.

الواجب أن يكون الحوار واقعياً. القضية أعمق، وصدق صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل عندما قال كلمة الحق باحتلال إيران لليمن لأن الرجل صُدم عندما مد يد السلام الصادقة لظريف المغرور والمعجب بقوته، كقوم عاد الذين كانوا من أشد منا قوة، ويتحاور بصدق نية في نيويورك وهو يطعنه في اليمن لأن إيران كإسرائيل لا عهد لها وهي تريد جر العرب إلى حرب، والعرب بصراحة لم يفطنوا لهذه اللعبة التي ستكون مدمرة للجميع. ولذا نجد أن الإعلام والقنوات العربية المشهورة لم تناقش الدور الإيراني بجدية وأبعاده والصفقات السرية مع الغرب بهذا الخصوص.

ولم يتحدث الإعلام والكُتاب الصحفيين عن دور قوات حفتر اليمن التي تدعم المليشيات الحوثية على أمل أن تعود للسلطة، ولا نقاش عن نوع القوات التي تتحرك وتمول جنودها لتفكيك الدولة انتقاماً.

وبصراحة أقول لم أجد منصفاً تحدث بعقلية ممتازة وتحليل صادق مثل الأستاذ عبد الرحمن الراشد ولن ننسى له كيمنيين هذا الموقف وهو يستحق بصدق وسام من الدرجة الأولى، فمقالاته بهذا الخصوص جواهر نادرة ومعلومات صحيحة وتحليل عميق ووضع النقاط على الحروف، وأتمنى أن يتم قراءتها جيداً. وحتى الأستاذ طارق الحميد فهي مقالات نشروها. وكنت أتمنى أن يستضافوا ليوعوا الناس بهذه الحقائق. وعجبت أن قنوات كبيرة مشهورة وصحف كبيرة لا تتحدث ولا تناقش بهذه النظرة العميقة حتى السطحية في النظر لقضية الانفصال.

فالأستاذ الراشد وغيره نظروا لها بصورة عميقة مثل حرب علي ناصر مع البيض والثارات التي لم ولن تنسى ومحاولة كل منهما التخطيط ضد الآخر وأن خارطة الجنوب اليوم تختلف، علي ناصر والبيض بينهم ثار 13 يناير لا يمكن نسيانه، وتاريخ الحزب الاشتراكي كله دماء لا يمكن نسيانها، أضف لثارات السلاطين الذين تم قتل وسحل أبائهم ومصادرة ممتلكاتهم. هل يمكن نسيانها، وتمركز أنصار الشريعة بشبوه ولودر وحضرموت وقوتهم أين هم في المعادلة. دعونا من السذاجة في معالجة القضايا.

لما لا يتحدث الإعلام العربي عن صمت مجلس الأمن وغياب ابن عمر في الظروف الراهنة وفرض عقوبات على الجهات التي خرجت عن اتفاق السلم والشراكة الذي رعاه ابن عمر والمبادرة الخليجية وخطة إيران لإبعاد دول الخليج عن المبادرة وعن الملف اليمني ومن يريد أن ينفرد به على حساب الأمة. لماذا لا يتحدث إعلامنا العربي.

أين المبادرات الدولية وصمت الجامعة العربية !؟

لماذا لا يتحدث الإعلام العربي عن المأساة الإنسانية والدعوة لحملة إنسانية من منظمات المجتمع المدني ويقوم تيليتون للتضامن مع الشعب اليمني في محنته!!

لماذا لا يختار الإعلام العربي ضيوفه من أناس أصحاب خبرة وبُعد نظر ويتوقف هذا الإعلام عن دفع أموال مقابل مقابلات وسفريات وفنادق لأشباه الرجال من جهلة مبرمجين ويداروا بالرميوت كنترول. لماذا يظلم أصحاب القنوات أناس وطنيون من المذيعين ليحاوروا ويلمعوا ويشهروا هؤلاء الأقزام الخونة لأمتهم الذين باعوا دينهم وولائهم وهويتهم واستباحوا دماء المسلمين وأعراضهم.

يا إعلام يا قنوات تتحدثوا عن الديمقراطية والحرية... الخ فما موقفكم من دمار البيوت وانتهاك الأعراض والاعتداء على حقوق الناس وتعطيل مصالحهم، أم أن الإثارة والسبق أهم عندكم من دعم ومال وعرض المسلم وتدمير الأمة.

لقد كان مذيع البي بي سي أفضل حواراً وإنسانية في حواره مع هؤلاء. والشباب والمشاهدين سيقفوا يشكونكم يوم القيامة أمام الله عن سكوتكم وعدم توعيتهم بجذور الفتنة وتوعية الناس وحمايتهم وتحصينهم.

الأمة وشبابها ومواطنيها أمانة في أعناقكم، وهناك أصوات وأقلام لن ينساها الشعب اليمني وستكتب في ميزان أعمالهم وأخص بالذكر جريدة الشرق الأوسط والأستاذ عبد الرحمن الراشد لأنه كان صريحاً وواضحاً.

زر الذهاب إلى الأعلى